للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرجت معك هلك مالي وعيالي.

وقيل: قال الجد بن قيس قد علمت الأنصار أني مستهتر بالنساء فلا تفتني ببنات الأصفر يعني نساء الروم، ولكني أعينك بما لي فاتركني، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: قد أذنت لك فنزلت الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني سلمة- وكان الجد منهم- من سيدكم يا بني سلمة؟

قالوا: جد بن قيس غير أنه بخيل جبان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل؟ بل سيدكم الفتى الأبيض الجعد الشعر البراء ابن معرور.

أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا أي إن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة النفاق والتمرد عن قبول التكليف المستتبع لشقاء الدارين ولهذا ختم الآية بقوله وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ أما في الدنيا فلإحاطة أسبابها بهم من النعي عليهم بالنفاق وإفشاء الأسرار وهتك الأستار وتحقير المقدار، وأما في الآخرة فلمآل حالهم إلى الدرك الأسفل من النار.

[التأويل:]

أيها الأرواح والقلوب المؤمنة ما مصيبتكم وبلواكم إذا قيل لكم بالإلهام الرباني اخرجوا من الدنيا وما فيها في طلب والسير إليه، أثاقلتم إلى أرض الدنيا وشهواتها. إِلَّا تَنْفِرُوا من سجن الدنيا وقيود شهواتها يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً باستيلاء ظلمات الصفات النفسانية وغلبات الأوصاف السبعية والشيطانية وبألم البعد عن الحضرة الربانية وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ من الأرواح والقلوب العاشقة الصادقة بل من العقول الكاملة المفارقة إِلَّا تَنْصُرُوهُ والرسول الوارد الرباني فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا أي النفوس الأمارة الكافرة من أرض القبول. ثانِيَ اثْنَيْنِ ثاني النفس الملهمة إِذْ هُما فِي غار العدم. وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا بجعل النفس المطمئنة بجذبة ارْجِعِي [الفجر: ٢٨] واصلة إلى مقام العنديه انْفِرُوا أيها الطلاب خِفافاً مجردين من علائق الأهل والأولاد والأموال وَثِقالًا متلبسين بها، أو خِفافاً مجذوبين بالعناية وَثِقالًا سالكين بالهداية وَجاهِدُوا بقدمي بذل الأموال والأنفس. وقدّم إنفاق المال لأن بذل النفس مع بقاء صفاتها الذميمة غير معتبر، ومن صفاتها الذميمة الحرص على الدنيا والبخل بها ذلكم خير لكم لأن الحاصل من المال ومن النفس الوزر والوبال. والحاصل من الطلب الوصول والوصال لَوْ كانَ مطلوبك يا محمد عَرَضاً قَرِيباً هو الدنيا ونعيمها وَسَفَراً قاصِداً هو تتبع شهوات النفس وهواها لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ لأنها الخروج من الدنيا والعقبى. وَسَيَحْلِفُونَ يعني أرباب النفوس لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يا أهل القلوب. عَفَا اللَّهُ عَنْكَ قدم العفو على العتاب تحقيقا لقوله لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ٢] فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ بين أوصافهم

<<  <  ج: ص:  >  >>