للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج وَالنَّهارَ ج لحسن هذه الوقوف مع العطف لتفصيل النعم تنبيها على الشكر سَأَلْتُمُوهُ ط لابتداء الشرط مع تمام الكلام لا تُحْصُوها ط كَفَّارٌ هـ.

[التفسير:]

لما ذكر في الآيات المتقدمة أنواع عذاب الكفار أراد أن يبين غاية حسرتهم ونهاية خيبتهم. فقال: مَثَلُ الَّذِينَ وارتفاعه عند سيبويه على الابتداء والخبر محذوف أي فيما يتلى أو يقص عليكم مثلهم. وقوله: أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ جملة مستأنفة على تقدير سؤال سائل يقول: كيف مثلهم. وقال الفراء: المضاف محذوف أي مثل أعمال الذين كفروا. وإنما جاز حذفه استغناء بذكره ثانيا. وقيل: المثل صفة فيها غرابة فأخبر عنها بالجملة المراد صفة الذين كفروا أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ كقولك «صفة زيد عرضه مصون وماله غير مخزون» ويجوز أن يكون أَعْمالُهُمْ بدلا والخبر كَرَمادٍ وحده. والمراد بأعمال الكفرة المكارم التي كانت لهم من صلة الأرحام وعتق الرقاب وفداء الأسارى وعقر الإبل للأضياف وإغاثة الملهوفين وإعانة المظلومين، شبهها في حبوطها- لبنائها على غير أساس التوحيد والإيمان- برماد طيرته الريح في يوم عاصف. قال الزجاج: جعل العصف لليوم وهو لما فيه يعني الريح مجازا كقولك «يوم ماطر» . قال الفراء: وإن شئت قلت في يوم ذي عصوف أو في يوم عاصف الريح فحذف لذكره مرة. وقيل: المراد من أعمالهم عباداتهم للأصنام. ووجه حسرتهم أنهم أتعبوا أبدانهم فيها دهرا طويلا. ثم لم ينتفعوا بذلك بل استضروا به. وقوله: مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ القياس عكسه كما في «البقرة» لأن «على» من صلة القدرة ولأن مما كسبوا صفة لشيء ولكنه قدم في هذه السورة لأن الكسب- أعني العمل الذي ضرب له المثل- هو المقصود بالذكر ولهذا أشار إليه بقوله:

ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ أي عن الحق والثواب. ثم كان لسائل أن يسأل: كيف يليق بحكمته إضاعة أفعال المكلفين؟ فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ مستتبعة للفوائد والحكم دالة على وجود الصانع القدير، فحبوط الأعمال إنما يلزم من كفر المكلفين وكونها غير مبنية على قاعدة الإيمان والإخلاص لا من أنه سبحانه يمكن أن يوجد في أفعاله عبث أو خلل أو سهو. ثم بين كمال قدرته واستغنائه عن الظلم والقبائح وعن عمل كل عامل فقال: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وقد مر مثله في سورة النساء. وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ بمتعذر لأنه قادر الذات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور. فإن قيل:

الغرض من الآية إظهار القدرة وزجر المكلفين عن المعصية وذلك إنما يتم بقوله: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ فما فائدة قوله: وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وهل فيه دليل على أن الفياض لا يوجد بدون الفيض؟ قلنا: على تقدير تسليمه لا تنحصر الفائدة فيه بل لعل الفائدة هي

<<  <  ج: ص:  >  >>