للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعه المجوس من أهل فارس فكتبوا إلى قريش وكانت بينهم مكاتبة أن محمدا وأصحابه يزعمون أن ما يذبحونه حلال وأن ما يذبحه الله حرام، فوقع في أنفس ناس من المسلمين شيء فنزلت الآية. ثم قال: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ يعني في استحلال الميتة إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ قال الزجاج: وفيه دليل على أن كل من أحل شيئا مما حرم الله تعالى أو حرم شيئا مما أحل الله فهو مشرك لأنه أثبت حاكما سوى الله تعالى. ثم قال الشافعي: الفسق في آية أخرى وهي، قوله: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً [الأنعام: ١٤٥] إلى قوله: أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ مفسر بما أهل به لغير الله فعلمنا أن الفسق في هذه الآية أيضا مفسر به نزلنا عن هذا المقام وهو التمسك بالمخصصات، فلم قلتم إنه لم يوجد ذكر الله هاهنا لما

روي أنه صلى الله عليه وآله قال: «ذكر الله مع المسلم سواء قال أو لم يقل»

فيحمل هذا الذكر على ذكر القلب. أو نقول: هب أن هذا الدليل يوجب الحرمة إلا أن معنا ما يدل على الحل، وإذا تعارض الحل والحرمة فالحل راجح لأن الأصل في الأشياء الإباحة وللعمومات الدالة على الحل كقوله: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة: ٢٩] كُلُوا وَاشْرَبُوا [الطور: ١٩] ولأنه مستطاب وقد قال: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ [المائدة: ٤] ، ولأن الطبع يميل إليه وقد نهى عن إضاعة المال، هذا تقرير مذهب الشافعي ومع ذلك فالأولى بالمسلم أن يحترز عنه لقوة ظاهر النص. قال الكعبي: في الآية دلالة على أن الإيمان اسم لجميع الطاعات لأنه تعالى سمى مخالفته شركا. وأجيب بأنه لم لا يجوز أن يراد بالشرك هاهنا اعتقاد أن لله شريكا في الحكم.

[التأويل:]

وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى أي: قلوبهم الميتة وَحَشَرْنا أي أريناهم جميع الآيات المودعة في المكونات إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ فإن المشيئة تغير السجية والعناية الأزلية كفاية الأبدية وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ أن الهدى ليس بالمنى وأنه بمشيئة المولى، ثم أخبر أن البلايا للسائرين إلى الله هي المطايا فقال: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ هي النفس الأمارة التي هي أعدى الأعداء. وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ هديناهم بنور الكتاب إلى حضرة الجلال فَلا تَكُونَنَّ نهى التكوين في الأزل وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ كلامه وقضاؤه في الأزل صِدْقاً فيما قال وَعَدْلًا فيما حكم بالوجود والعدم والسعادة والشقاوة والرد والقبول والخير والشر والحسن والقبح والإيمان والكفر، وأحسن شيء خلقه هو الإنسان لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين: ٤] وكذلك شر شيء هو الإنسان عند فساد استعداده ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ [التين: ٥] ولأهل الكمال نرق في كمال الحسن إلى الأبد، ولأهل النقصان تسفل في القبح إلى الأبد أيضا إظهارا للقدرة الكاملة غير المتناهية وَهُوَ السَّمِيعُ لحاجة كل ذي حاجة الْعَلِيمُ بما يستأهله كل موجود وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>