للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك عن الميت إلى الحي كما يقال هذا الفعل يورثك الشرف أو العار. وقيل: أعطوا تلك المنازل من غير تعب في الحال فصار شبيها بالميراث. وقيل: إن أهل الجنة يرثون منازل أهل النار لما

روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «ليس من مؤمن ولا كافر إلا له في الجنة والنار منزل فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل لهم هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله ثم يقال يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون فيقسم بين أهل الجنة منازلهم»

قالت المعتزلة قوله: بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يدل على أن الموجب للجزاء هو العمل لا التفضل. وقال غيرهم: لما كان الموفق للعمل الصالح هو الله تعالى كان دخول الجنة بفضله. وجعل العمل أمارة على ذلك والمنادي هو الله جل وعلا أو الملك الموكل بذلك والله تعالى أعلم.

[التأويل:]

يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ الهامات من أنفسكم من طريق قلوبكم وأسراركم وفيه أن بني آدم كلهم مستعدون لإشارات الحق وإلهاماته. افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً بأن يقول أكرمني الله بالكرامات والمقامات ولم يعط أَوْ كَذَّبَ بمقامات أعطاها بعض أوليائه أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ من الشقاء الذي كتب لهم حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رسل الإلهامات الإلهية والواردات الربانية بعد أن كان هائما في تيه البشرية يَتَوَفَّوْنَهُمْ بجذبات الألطاف الإلهية عن الأوصاف البشرية قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الدنيا وشهواتها وَشَهِدُوا هؤلاء المجرمون المحرومون أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ ساترين الحق بالباطل فهداهم الله تعالى. ثم قال لأهل الخذلان ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ وقدم الجن لأن الله تعالى خلق أولا بني الجان منهم مؤمن ومنهم كافر، فلما استولى أهل الكفر منهم بعث إليهم جندا من الملائكة- وقيل رئيسهم إبليس- فاستأصلوهم ثم خلق آدم وذريته منهم مؤمن ومنهم كافر. كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ في أعمال أهل النار لَعَنَتْ أُخْتَها المتقدمة في تلك الأعمال لأنهم سنوها حَتَّى إِذَا تدارك الكل في الأعمال الموجبة للنار. عَذاباً ضِعْفاً لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها لِكُلٍّ ضِعْفٌ لأن المتأخر أيضا متقدم الذي يتلوه ويستن بسنته وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ أنكم متقدمون لمتأخريكم فما كان لكم علينا من فضل لأنكم سننتم لمتأخريكم كما سننا لكم لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ سماء القلوب إلى الحضرة وَلا يَدْخُلُونَ جنة القربة والوصلة حتى يدخل جمل النفس المتكبرة في سم خياط أحكام الشريعة وآداب الطريقة، وحتى تصير بالتربية في إزالة الصفات الذميمة وقطع تعلقات ما سوى الله أدق من الشعرة بألف مرة فيلج في سم خياط الفناء فيدخل جنة البقاء وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>