قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ هي النفس والقلب والروح السر والخفي حيوانية وملكوتية روحانية وجبروتية وعظموتية وَجَنَّاتٌ هي هذه الأعيان المستعدة لقبول الفيض عند بلوغها مِنْ أَعْنابٍ هي ثمرة النفس من الصفات التي هي أصل الإسكار كالغفلة والحمق والسهو واللهو وَزَرْعٌ هو ثمرة القلب فإن القلب كالأرض الطيبة التي منها غذاء الروح وَنَخِيلٌ هو الروح ذو الأخلاق الحميدة كالكرم والجود والشجاعة والقناعة والحياء والتواضع والشفقة صِنْوانٌ هو السر الجبروتي الكاشف عن أسرار الجبروت بين الرب والعبد فإنه إذا حكى السر للعبد كان المحكي مثالا لما عليه الوجود وَغَيْرُ صِنْوانٍ هو الخفي الواقف على أسرار العظموت التي لا مثل لها ولا أمثال ولا تحكى لعبده كما قال فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
[النجم: ١٠] وكما قال:
بين المحبين سر ليس يفشيه يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ هو ماء القدرة والحكمة اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى أي ما في استعداد كل مستعد من الفضائل، أو ما في كل ذرّة من ذرّات المكونات من الخواص والطبائع، أو ما في كل منها من الآيات الدالة على موجدها سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ [فصلت: ٥٣] وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ أي ما يظهر من تلك الآيات الاستعدادات في جانبي التفريط والإفراط، والمراد ما ينقص من أرحام الموجودات أو المعدومات فمهما أوجد شيء نقص من رحم العدم واحد وزاد في رحم الوجود واحد وبالعكس في جانب الإعدام. مستخف بليل العدم وظاهر النهار الوجود له أي لله معقبات من العلم والقدرة من بين يدي المعلوم ومن خلفه أي في حالتي عدمه ووجوده من أزله إلى أبده يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي لأجل أمره حتى لا يخرج من قبضة تدبيره إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من الوجود والعدم حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ من استدعاء الوجود أو العدم بلسان استحقاق الوجود أو العدم كما تقتضيه حكمته وتدبيره.