للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة»

وعن بعضهم أن طوبى هي الجنة بالحبشية والمآب المرجع.

[التأويل:]

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ برق أنوار الجلال فيغلب عليكم خوف الانقطاع واليأس، ويريكم برق أضواء الجمال فيغلب عليكم طمع الوصل ورجاء الاستئناس وَيُنْشِئُ السَّحابَ النوال والأفضال الثِّقالَ بمطر القبول والإقبال وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ وهو الملك المخلوق من نور الهيبة والجلال فتقع الهيبة في قلوب الخلق كلهم حتى الملائكة فيسبحون من خيفته، ويرسل صواعق القهر فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ من أهل الخذلان فيحرق حسن استعدادهم في قبول الإيمان. ومن نتائج ذلك أنهم يجادلون في ذات الله وفي صفاته كالفلاسفة الذين لا يتابعون الأنبياء والشرائع، وكبعض المتكلمين من أهل الأهواء والبدع لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ أي دعوته حق لمن دعاه فيستجيبه كما قالت السموات والأرض أتينا طائعين وأيضا له دعاة يدعون الخلق بالحق إلى الحق وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ أي بغير الحق لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إذ لا يؤثر في الخلق نصحهم كمن يبسط يده إلى الماء إراءة إلى الحق أنه يريد شربه وَما هُوَ بِبالِغِهِ فلا يستجابون على الحقيقة وإن استجيبوا في الظاهر لأنهم استجابوا لهم على الهوى كما دعوا إلى الحق بالهوى يدل عليه قوله: وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من الملائكة وأرواح الأنبياء والأولياء والصلحاء طَوْعاً ومن أرواح الكافرين والمنافقين والشياطين كَرْهاً بالتذليل والتسخير تحت الأحكام والتقدير وَظِلالُهُمْ أي نفوسهم فإن النفوس ظلال الأرواح، وليس السجود من شأنها لأنها أمارة بالسوء إلا ما رحم الرب فإنها تسجد بتبعية الروح. معنى آخر: ولله يسجد من في سموات القلوب من صفات القلوب والأرواح والعقول، طوعا ومن في أرض النفوس من صفات النفس والقوى الحيوانية والسبعية والشيطانية كرها، وظلالهم وهي آثارها ونتائجها. آخر: ولله يسجد الأرواح في الحقيقة وظلالهم وهي أجسادهم بالتبعية، وهذا السجود بمعنى وضع الجبهة، وخص الوقتان بالذكر لأن آثار القدرة فيهما أكثر، وإن أريد الانقياد والتسخير احتمل أن يراد بالوقتين وقتا الانتباه والنوم، ففي الأول تطلع شمس الروح من أفق الجسد، وفي الثاني تغرب فيه أنزل من سماء القلوب ماء المحبة. فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ النفوس فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً من الأخلاق الذميمة النفسانية والحيوانية، أو أنزل من سماء الأرواح ماء مشاهدة أنوار الجمال فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ القلوب فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً من الأوصاف البشرية، أو أنزل من سماء الأسرار ماء كشوف الجمال فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ الأرواح فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً من أنانية الروحانية، أو أنزل من سماء الجبروت ماء تجلي صفات

<<  <  ج: ص:  >  >>