للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرحمة النعم العاجلة والآجلة. وقيل: الصلاة الحنو والتعطف وضعت موضع الرأفة كقوله رَأْفَةً وَرَحْمَةً لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ والمعنى عليهم رأفة بعد رأفة ورحمة أيّ رحمة وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ لطريق الصواب والفائزون بالكرامة والثواب، أو هم المستمسكون بآدابه المستنون بما ألزم وأمر وفي الآية حكمان: فرض ونفل. فالفرض هو التسليم لأمر الله تعالى والرضا بقضائه والصبر على أداء فرائضه لا يصرفه عنها مصائب الدنيا، والنفل قوله إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ فإن في إظهاره فوائد منها: أن غيره يقتدي به إذا سمعه، ومنها غيظ الكفار وعلمهم بجده واجتهاده في دين الله تعالى والثبات على طاعته. وأما الحكمة في تقديم تعريف الابتلاء فهي أن يوطنوا نفوسهم لهذه المصائب إذا وردت فتكون أبعد من الجزع. وأيضا إذا علموا أنه سيصل إليهم تلك المحن اشتد حزنهم فيكون ذلك الحزن تعجيلا للابتلاء فيستحقون بذلك مزيد الثواب. وأيضا إذا أخبروا بوقوع هذا الابتلاء ثم وقع كان ذلك إخبارا بالغيب فيكون معجزة. وأيضا فيه تنفير وتمييز له عن الموافق.

كما أن الحكمة في نفس الابتلاء أيضا ذلك.

دعوى الإخاء على الإخاء كثيرة ... بل في الشدائد تعرف الإخوان

إذا قلت أهدى الهجر إن خلل البلى ... يقولون لولا الهجر لم يطب الحب

وإن قلت كربي دائم قالت إنما ... يعدّ محبا من يدوم له الكرب

وإن قلت ما أذنبت قالت مجيبة ... حياتك ذنب لا يقاس به ذنب

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٥٨ الى ١٦٢]

إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)

[القراآت:]

من يطوع بتشديد الطاء والجزم: حمزة وعلي وخلف وزيد ورويس الباقون: بالتاء والتخفيف وفتح الآخر على المضي.

[الوقوف:]

شَعائِرِ اللَّهِ ج للشرط مع فاء التعقيب بِهِما ط لأن التطوع خارج عن موجب كونهما من شعائر الله فكان استئناف حكم عَلِيمٌ، فِي الْكِتابِ لا لأن «أولئك» خبر «إن» اللَّاعِنُونَ لا للاستثناء أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ج لاحتمال الواو للاستئناف والحال الرَّحِيمُ هـ أَجْمَعِينَ لا لأن «خالدين» حال عامله معنى الفعل في اللعنة أي

<<  <  ج: ص:  >  >>