للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرعد والبرق والسحمة والتطبيق إلى غير ذلك من العجائب دلالات واضحة على كمال حكمة موجده ومقدّره. وأما قوله تعالى لَآياتٍ فيحتمل أن يكون راجعا إلى الكل أي مجموع هذه الأشياء الثمانية آيات، ويحتمل أن يكون راجعا إلى كل واحد فإن كل واحد منها يدل على مدلولات كثيرة كما فصلنا. وأيضا فكل واحدة منها من حيث إنها موجودة فدل على وجود موجدها، وكونه قادرا ومن حيث إنها وقعت على وجه الإحكام والإتقان تدل على علم الصانع، ومن حيث حدوثها واختصاصها بوقت دون وقت تدل على إرادته واختياره، ومن حيث إنها وجدت على الاتساق والانتظام دلت على وحدانية الله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢٢] . وأما قوله تعالى لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فإنما خص الآيات بهم لأنهم الذين يتمكنون من النظر فيه والاستدلال به. وفي الآية من الفوائد أن التقليد مذموم فيما إلى تحقيقه سبيل. وفيها أن جميع المعارف ليست ضرورية وإلا لم يحتج إلى النظر في شيء منها، وإنما خص الآيات الثمانية بالذكر مع أن سائر الأجسام والأعراض مستوية في الاستدلال بها على وجود الصانع بل كل ذرّة من الذرات، لأنها جامعة بين كونها نعما على المكلفين، ومتى كانت الدلائل كذلك كانت أنجع في القلوب وأشد تأثيرا في الخواطر.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ويل لمن قرأ هذه الآية فمج بها»

أي لم يتفكر فيها ولم يعتبر بها حسبي الله ونعم الوكيل.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٦٥ الى ١٦٧]

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)

[القراآت:]

ولو ترى بتاء الخطاب: نافع وابن عامر وسهل ويعقوب. الباقون:

بالياء إِذْ يَرَوْنَ بضم الياء من الإراءة: ابن عامر أَنَّ الْقُوَّةَ وَأَنَّ اللَّهَ بكسر الألف فيهما: يزيد وسهل ويعقوب إِذْ تَبَرَّأَ بإدغام الذال في التاء وكذا ما أشبهه: هشام وسهل وأبو عمرو وحمزة وعلي وخلف. يُرِيهِمُ اللَّهُ بكسر الهاء والميم: أبو عمرو وسهل.

وقرأ حمزة وعلي وخلف ويعقوب بضم الهاء والميم. والباقون بكسر الهاء وضم الميم بِخارِجِينَ بالإمالة: عباس وقتيبة لجوار من النار.

[الوقوف:]

كَحُبِّ اللَّهِ ط حُبًّا لِلَّهِ ط الْعَذابَ لا وكذلك وجَمِيعاً لا من قرأ «أن» و «إن» بالكسر فيهما شَدِيدُ الْعَذابِ هـ الْأَسْبابُ هـ تَبَرَّؤُا مِنَّا ط عَلَيْهِمْ ط مِنَ النَّارِ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>