وعاصم حكم على بواطن الأمور وذلك أمر استأثر الله به ورسوله. وأيضا لمز الفقير على جهد المقل سفه لأنه لما لم يقدر إلا عليه فقد بذلك كل ما له فعلم منه غالبا أنه إن قدر على أكثر من ذلك لم يكن منه منع، وسعي الإنسان في أن يضم نفسه إلى أهل الخير والدين خير له من أن يضم نفسه إلى أهل الكسل والبطالة، ولو لم تكن فيه إلا الثقة بالله والدخول في زمرة من يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة لكفى به منقبة وفضلا.
التأويل بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ لأن التعارف في عالم الأرواح يوجب التآلف في عالم الأشباح يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ الحقيقي أي بطلبه والمطلوب هو الله لقوله «فأحببت أن أعرف» وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو ما يقطع العبد عن الله وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ الحقيقية وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ يعني ما فضل عن كفافهم الضروري وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بخلاف المنافقين فإنهم يطيعون النفس والهوى وَمَساكِنَ طَيِّبَةً على مراتب النفوس الطيبة فإن الطيبات للطيبين يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يعني القلب الذي له نبأ من مقام الانباء جاهِدِ النفوس الكافرة بسيف الصدق والمخالفات، وجاهد نفوس المريدين الذين يدعون الإرادة في الظاهر دون الباطن وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ في المأخذات بأحكام الشريعة والطريقة حتى تتمرن نفوسهم وإلا وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ القطيعة وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وهي التي توجب الإنكار والاعتراض على الشيخ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا أي أثبتوا لأنفسهم مرتبة الشيخوخة قبل أوانها وَما نَقَمُوا إلا أن الشيخ رباهم بلبان فضل الله عن حلمة الولاية فلم يحتملوا لضيق حوصلة الهمة، ومربد الطريقة أعظم من مربد الشريعة فلهذا يكون عذابه أليما في الدنيا والآخرة كما قال الجنيد: لو أقبل صديق إلى الله ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة فإن ما فاته أكثر مما ناله وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ باستعداده الفطري لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ جعلنا متمكنين من اكتساب الكمال لَنَصَّدَّقَنَّ لنصرفن كل ما أعطانا فيما أعطى لأجله إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ أي يلقون جزاء النفاق وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ يعلم ما توسوس به أنفسهم وهو غيب عن الخلق ويعلم ما يستكن في قلوبهم وهو غيب في نفوسهم ولهذا قال الْغُيُوبِ. سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ذكره بلفظ الماضي ليعلم ان سخرية المنافقين نتيجة سخرية الله بهم في الأزل.