للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين قال: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا [الآية: ٤١] لتقدم ذكرهم في السورة وذكرهم في «الكهف» إذا لم يجر ذكرهم وذكر الناس هاهنا وإن جرى ذكرهم دفعا للالتباس، لأن ذكر الجن أيضا قد جرى وقدم للناس على قوله: فِي هذَا الْقُرْآنِ كما قدمه في قوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ وأما في «الكهف» فعكس الترتيب لأن اليهود سألته عن قصة أصحاب الكهف وغيرها. وقد أوحاها الله تعالى إليه في القرآن فكانت العناية بالقرآن أكثر فكان تقديمه أجدر.

[التأويل:]

وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ أي من عمى قلوبهم وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ بالقول الثابت وهو قول «لا إله إلا الله» إلى أن بلغت حقيقة «لا إله إلا الله» شَيْئاً قَلِيلًا وإنما وصفه بالقلة لأن بشريته مغلوبة وروحانيته غالبة. ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ أي نحيي نفسك وأذقناك عذاب حياتها واستيلائها على الروح ونميت قلبك. وأذقناك عذاب مماته وضعف روحك وبعده عن الحق. سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا أي جرت عادة الله تعالى بأن يجعل لكل نبي عدوا يؤذيه ويمكر به. ثم بين طريق خلاص الأنبياء والأولياء عن ورطة الابتلاء فقال: أَقِمِ الصَّلاةَ أي أدّها بالقلب الحاضر نهارا وليلا. إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً بشواهد الحق بل الحق مشهود له. ثم أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ يعني السير في الله بالله وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ من حولي وأنانيتي وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ لا من لدن غيرك. وفيه أن كل ذي مقام فإنه لا يصل إلى مقام إلا بسعي يلائم الوصول إلى ذلك المقام كقوله وَسَعى لَها سَعْيَها [الإسراء: ١٩] .

روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعرض حاجة فقال صلى الله عليه وسلم: ما تريد؟ فقال: مرافقتك في الجنة. فقال صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك؟ فقال الرجل: بلى مرافقتك في الجنة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأعني على نفسك بكثرة السجود

جاءَ الْحَقُّ من الواردات والشواهد وتجلي صفات الجمال والجلال وَزَهَقَ الْباطِلُ وهو كل ما خلا الله من الموجودات ومن الخواطر كقوله:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ لأن كلام الحبيب طبيب القلوب إن الأحاديث من سلمى تسليني قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي قال العارفون: لله تعالى عالمان: عالم الأمر الذي خلق لا من شيء، وعالم الخلق الذي خلق من شيء ويعبر عنهما بالآخرة والدنيا والملكوت والملك والغيب والشهادة. والمعنى والصورة والباطن والظاهر والأرواح والأجسام، وما

روي

<<  <  ج: ص:  >  >>