للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيَةً

فقيل: إن قوما اعتقدوا في إلهيته وزعموا أن مثله لا يموت فأظهر الله تعالى أمره بأن أخرجه من الماء بصورته حتى يشاهدوه، وزالت الشبهة عن قلوبهم وكانت مطروحة على ممر من بني إسرائيل فلهذا قيل: لِمَنْ خَلْفَكَ وقيل: إنه تعالى أراد أن يشاهده الخلق على ذلك الذل والإهانة بعد ما سمعوا منه قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤] ليكون ذلك زجرا للعابرين عن مثل طريقته، ويعرفوا أنه كان بالأمس في نهاية الجلالة ثم آل أمره إلى ما آل، فلا يجترأوا على نحو ما اجترأ عليه. وقيل: المراد ليكون طرحك بالساحل وحدك دون المغرقين آية من آيات الله للأمم الآتية، ثم زجر هذه الأمة عن ترك النظر في الدلائل وحثهم على التأمل والاعتبار فقال وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ.

[التأويل:]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ الروح إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ وهم القلب والسمع والنفس وصفاتها يا قَوْمِ إِنْ كانَ عظم عَلَيْكُمْ مَقامِي في الأخلاق الحميدة الروحانية ودعائي إلى الله ببراهينه الواضحة فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ من حظ من حظوظ مشاربكم الدنيوية ما حظي إلا من مواهب الله وشهود جماله. وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ خلفاء الله في أرضه وباقي التأويل كما مر في «الأعراف» . وهكذا في قصة موسى وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ لأن الفلاح هو الخلاص عن قيد الوجود المجازي. وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ أي الذكر بِكَلِماتِهِ وهي لا إله إلا الله وَلَوْ كَرِهَ أهل الهوى والنفوس الأمارة فَما آمَنَ لِمُوسى القلب إلا صفاته أو بعض صفات فرعون النفس بتبديل أخلاقها الذميمة بالأخلاق الحميدة القلبية عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ النفس والهوى والدنيا وشهواتها أن يصرفهم إلى حالها الطبيعية التي جبلت عليها. وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى القلب وهارون السر أن هيئا لصفاتكما بمصر عالم الروح مقامات ومنازل لا في عالم النفس السفلي. واجعلوا تلك المقامات متوجهة إلى طلب الحق. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أديموا العروج من المقامات الروحانية إلى المواصلات الربانية لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ليكون عاقبة أمرهم أن ينقطعوا أو يقطعوا بتلك الملاذ عن السير في طلبك رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ بمحقها وتحقيرها في نظرهم وَاشْدُدْ طريق النظر إلى الدنيا وما فيها عَلى قُلُوبِهِمْ واجعل همتهم عليه في طلبك والنظر إليك فقط حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ فإن النفس وصفاتها لا يؤمنون بالآخرة وطلب الحق حتى يذيقهم ألم الفطام عن الدنيا ومشتهياتها. سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ طريق الوصول إلى الله ولا يعرفون قدره وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ هم القلب والسر وصفاتها. والبحر بحر الروحانية الملكوتية فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ النفس وصفاتها بعد الفطام عن شوائب عالم الملك

<<  <  ج: ص:  >  >>