وَبَشِّرِ خطاب لمحمد صلّى الله عليه وسلم وإن أريد به موسى فلا بد من العدول الْمُؤْمِنِينَ هـ الدُّنْيا لا لتعلق قوله: لِيُضِلُّوا بقوله: آتَيْتَ ورَبَّنا تكرار للأول لأجل التضرع. عَنْ سَبِيلِكَ ج لابتداء النداء مع اتحاد القائل الْأَلِيمَ هـ لا يَعْلَمُونَ هـ وَعَدْواً ط الْغَرَقُ لا لأن قال جواب «إذا» الْمُسْلِمِينَ هـ الْمُفْسِدِينَ هـ آيَةً ط لَغافِلُونَ هـ.
[التفسير:]
لما بالغ في تقرير الدلائل والبينات والجواب عن الشبهات شرع في قصص الأنبياء المتقدمين، لأن نقل الكلام من أسلوب إلى أسلوب أقرب إلى انشراح الصدور ودفع الملال مع أن في ذكرها تسلية للرسول وعبرة للمعتبر إلى غير ذلك من الفوائد التي سبق ذكرها في «الأعراف» . ومعنى كبر ثقل وشق كقوله: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ [البقرة: ٤٥] وفي مقامي وجوه منها: أنه زيادة كقولك: فعلت كذا لمكان فلان أي لأجله، وكقوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ [الرحمن: ٤٦] أي ربه ومثله قولهم: فلان ثقيل الظل.
ومنها أن يراد به المكث أي شق عليكم مكثي بين أظهركم مددا طوالا ألف سنة إلا خمسين عاما، ولا شك أن من ألف طريقة ويدعى إلى خلافها ولا سيما إذا تكرر الدعاء كان ذلك موجبا للتنفر والثقل، وخاصة إذا كانت تلك الطريقة مقتضاة النفس والطبيعة الداعيتين إلى اللذات العاجلة. ومنها أن يكون المقام بمعنى القيام لأنهم كانوا يقومون على أرجلهم في الوعظ والتذكير ليكون مكانهم بينا وكلامهم مسموعا كما يحكى عن عيسى عليه السلام أنه كان يعظ الحواريين قائما وهم قعود. وجواب الشرط إما قوله:
فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ أي إن شدة بغضكم لي تحملكم على الإقدام على إيذائي وأنا لا أقابل ذلك الشر بالتوكل على الله فإن ذلك هجيراي قديما وحديثا وإما قوله: فَأَجْمِعُوا وقوله: فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ اعتراض كقولك: إن كنت أنكرت عليّ شيئا فالله حسبي فاعمل ما تريد. ولا يحسن أن يقال: إن الفاء الثانية عاطفة للاختلاف طلبا وخبرا، ومعنى فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ اعزموا عليه من أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليه قاله الفراء. وقال أبو الهيثم: أجمع أمره أي جعله جميعا بعد ما كان متفرقا وتفرقه أنه يقول مرة أفعل كذا ومرة أفعل كذا، فلما عزم على أمر واحد فقد جمعه أي جعله جميعا. فهذا هو الأصل في الإجماع ثم صار بمعنى العزم حتى وصل ب «على» فقيل: أجمعت على الأمر أي عزمت عليه والفصيح أجمعت الأمر، والمراد بالأمر وجوه مكرهم وكيدهم. وانتصب شُرَكاءَكُمْ على المفعول معه أي مع شركائكم. ومن قرأ بالرفع جعله عطفا على الضمير المتصل، وإنما يحسن ذلك من غير تأكيد بالمنفصل للفصل. والمراد بالشركاء إما من هم على مثل قولهم ودينهم، وإما الأصنام. وحسن إسناد الإجماع إليهم على وجه التهكم