[المقدمة الخامسة في معاني المصحف والكتاب والقرآن والسورة والآية والكلمة والحرف وغير ذلك]
المصحف: مفعل من أصحف أي جمع فيه الصحف، والصحف جمع الصحيفة، والصحيفة قطعة من جلد أو ورق يكتب فيه. وقد يقال:«مصحف» بكسر الميم. وروي أن أبا بكر الصديق استشار الناس بعد جمع القرآن في اسمه فسمّاه مصحفا. والكتاب معناه ضم الحروف الدالة على معنى بعضها إلى بعض لأنه مصدر «كتب» أي جمع. قال الله تعالى:
أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [المجادلة: ٢٢] أي جمع حتى آمنوا بجميع ما يجب عليهم. فالكتاب فعل الكاتب، ولكنه قد يسمّى الشيء باسم الفعل نحو: هذا الدرهم ضرب الأمير، وهذا خلق الله. والقرآن اسم للكتاب المنزل على نبينا محمد، كما أن التوراة اسم للكتاب المنزل على موسى، والإنجيل للمنزل على عيسى، والزبور للمنزل على داود عليه السلام. والقرآن يهمز ولا يهمز فمن همزه، وهو الأكثر، فوزنه «فعلان» مثل قربان.
والتركيب يدلّ على الجمع والضم، ومنه «القرء» للحيض لاجتماع الدم في ذلك الوقت، ومنه قولهم: قرأت الماء في الحوض. فالقرآن نزل شيئا بعد شيء فلما جمع بعضه إلى بعض سمّي «قرآنا» . وقيل: سمي «قرآنا» لأنه جمع السورة وضمها. قال تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
[القيامة: ١٧] أي تأليفه وضم بعضه إلى بعض. وقولك:«قرأت» معناه جمعت الحروف بعضها إلى بعض. ومن لم يهمز القرآن، وهو قراءة أهل مكة، فإما على تخفيف الهمزة فأصله كما مر، وإما على أن وزنه «فعال» من «قرنت» والنون لام الكلمة سمي بذلك لأنه قرن السورة وما فيها بعضها إلى بعض. وقيل: إن «القرآن» اسم موضوع على «فعال» من غير اشتقاق كالتوراة والإنجيل. ويسمى القرآن «فرقانا» لأنه يفرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر، والحلال والحرام.
وأما السورة من القرآن فإنها تهمز ولا تهمز وهذا أكثر وعليه القراءة. والسورة اسم لآي جمعت وقرنت بعضها إلى بعض حتى تمت وكملت وبلغت في الطول المقدار الذي