وقت يفرض من الأوقات المستقبلة يكون أشد وأنكى مما قبله فقال: وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ عن الفضيل: هو قطع الأنفاس وحبسها في الأجساد. قال في الكشاف: يحتمل أن يكون أهل مكة استفتحوا أي استمطروا. والفتح المطر في سني القحط التي سلطت عليهم بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسقوا فذكر سبحانه ذلك، وأنه خيب رجاء كل جبار عنيد وأنه يسقى في جهنم بدل سقياه ماء أحرّ وهو صديد أهل النار. وعلى هذا التفسير يكون قوله:
وَاسْتَفْتَحُوا كلاما مستأنفا منقطعا عن حديث الرسل وأممهم.
[التأويل:]
بسم الله أي باسم الذات وهو الاسم الأعظم ابتدأت بخلق عالم الدنيا.
إظهار الصفات الرحمانية التي هي للمبالغة لاشتراك الحيوان والجماد والمؤمن والكافر في الرحمة، وبخلق عالم الآخرة إظهار الصفة الرحيمية لاختصاصها بالمؤمنين خاصة. قوله:
الر أي بآلائي وبلطفي إن القرآن أنزلناه إليك لتخرج الناس بدلالة نوره من ظلمات عالم الطبيعة والكثرة إلى نور عالم الروح والوحدة. بِإِذْنِ رَبِّهِمْ الذي يربيهم هو لا أنت.
وفي قوله: إِلى صِراطِ إشارة إلى أن القرآن هو طريق الوصول إلى من احتجب بحجب العزة والمحمدة واستتر بأستار مظاهر القهر واللطف. وفي الاختتام بقوله: اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ
إشارة إلى أن من بقي في أفعاله وهي المكونات لم يصل إلى صفاته، ومن بقي في صفاته لم يصل إلى ذاته، ومن وصل إلى ذاته بالخروج عن أنانيته إلى هويته انتفع بصفاته وأفعاله. وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ من شدة ألم الانقطاع عن الله.
ثم أخبر أن الكافر الحقيقي هو الذي قنع بالإيمان التقليدي فأقبل على الدنيا وأعرض عن المولى فضل وأضل. إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ أي يتكلم معهم بلسان عقولهم. وَلَقَدْ أَرْسَلْنا بواسطة جبريل الجذبة مُوسى القلب بآيات عصا الذكر واليد البيضاء من الصدق والإخلاص. أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ وهم الروح والسر والخفي من ظلمات الوجود المجازي إلى نور الوجود الحقيقي وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ التي كان الله ولم يكن معه شيء وهو بحبهم بلاهم إِنَّ فِي ذلِكَ التذكير لَآياتٍ في نفي الوجود لِكُلِّ صَبَّارٍ بالله مع الله عن غير الله شَكُورٍ لنعمة الوجود الحقيقي ببذل الوجود المجازي ولَئِنْ شَكَرْتُمْ بالطاعة لَأَزِيدَنَّكُمْ في تقربي إليكم، لأزيدنكم في محبتي لكم، ولئن شكرتم في محبتي لكم لأزيدنكم في الخدمة، ولئن شكرتم في الخدمة لأزيدنكم في الوصول، ولئن شكرتم في الوصول لأزيدنكم في التجلي، ولئن شكرتم في التجلي لأزيدنكم في الفناء عنكم، ولئن شكرتم في الفناء لأزيدنكم في البقاء، ولئن شكرتم في البقاء لأزيدنكم في الوحدة، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ نعمتي في المعاملات كلها إِنَّ عَذابِي قطيعتي لَشَدِيدٌ وَقالَ