الألوهية فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ الأسرار بقدرها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زبد الوجود المجازي وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ من البقاء في نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة فلا تبقي ولا تذر وهي التذكية بالفناء ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ وهي التحلية بالبقاء الحقيقي أَوْ مَتاعٍ وهو التمتع به زَبَدٌ مِثْلُهُ مثل زبد البشرية وهو زبد المعرفة والتوحيد فَأَمَّا الزَّبَدُ في الأحوال كلها فَيَذْهَبُ جُفاءً بالفناء وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ من البقاء بالله فَيَمْكُثُ فِي أرض الوحدة المستعدة لقبول الفيض الإلهي. لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وهي العناية الأزلية التي الاستجابة من نتائجها كقوله: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى [الأنبياء: ١٠١] وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ حين دعاهم للوصول والوصال لو حصل لهم ما في أرض البشرية من أنواع اللذات والحظوظ وأضعافها لجعلوه فداء ألم عذاب القطيعة. وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ أي انفصلوا عما سواه ليتصلوا به سِرًّا بالانقطاع عما يشغل بواطنهم وَعَلانِيَةً بالانفصال عما يشغل ظواهرهم وَيَدْرَؤُنَ بالأعمال والأحوال الحسنة في صدق الطلب الأحوال السيئة من الوقائع والفترات وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ تبركا وتيمنا بهم تبعا لهم من كل باب دخلوه بالاستقلال على أقدام السير بالله إلى الله سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ عن غير الله وعلى صدق الطلب أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ القلوب أربعة: قلب قاس كقلوب الكفار والمنافقين فاطمئنانه بالدنيا وشهواتها رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، وقلب ناس وهو قلب المسلم المذنب كقوله: فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه: ١١٥] فاطمئنانه بالتوبة فتاب عليه وهدى، وقلب مشتاق وهو قلب المؤمن فاطمئناته بذكر الله كما في الآية. وقلب وحداني وهو قلب الأنبياء وخواص الأولياء فاطمئنانه بالله وصفاته كقول الخليل صلى الله عليه وسلم وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة: ٢٦٠] أي بتجلي صفات الأحياء، وإذا صار القلب مطمئنا انعكس نور
الاطمئنان من مرآة قلبه على نفسه فتصير مطمئنة أيضا فيستحق بجذبات العناية لخطاب ارْجِعِي [الفجر: ٢٨] ثم أشار إلى أنّ الاطمئنان ثمرة غرس شجرة الإيمان والعمل الصالح في أرض القلب فقال:
الَّذِينَ آمَنُوا الآية. فالإشارة بطوبى إلى حقيقة شجرة «لا إله إلا الله» مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة ولم يكن إلا في قلب النبي صلى الله عليه وسلم وبتبعيته في قلوب المؤمنين ولهذا
قال صلى الله عليه وسلم:«طوبى شجرة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة» .