أسبوعا وأسبوعين وشهرا، ولا بد أن يتنظف كما أن النحل يحترز عن التلوث. وفيه أن نحل الأرواح اتخذت من جبال النفوس بيوتا ومن شجر القلوب ومما يعرشون من الأسرار ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ نظير قوله: كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً [المؤمنون: ٥١] فثمرات البدن الأعمال الصالحات، وثمرات النفوس الرياضات ومخالفات الهوى، وثمرات القلوب ترك الدنيا والتوجه إلى المولى، وثمرات الأسرار شواهد الحق والتطلع على الغيوب والتقرب إلى الله، وهذه كلها أغذية نحل الأرواح فإنها بقوّة هذه الأغذية تسلك السبل إلى أن تصل إلى المقعد الصدق عند مليكها، فيكون غذاؤها مكاشفات الحق ومشاهداته فتبيت عند ربها يطعمها ويسقيها، فحينئذ يخرج من بطونها شراب الحكم والمواعظ مختلف الألوان من المعاني والأسرار والدقائق والحقائق فِيهِ شِفاءٌ للقلوب الناسية القاسية عن ذكر الله وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ أخرجكم من العدم إلى الوجود ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ عن الوجود المجازي وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وهو مقام الفناء في الله لِكَيْلا يَعْلَمَ بعد فناء علمه شيئا يعلمه بل يعلم بربه الأشياء كما هي والله أعلم بالصواب.