للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُونَ أي حين ما أمرتهم بشيء طاعَةٌ أي أمرنا وشأننا طاعة، والنصب في مثل هذا جائز بمعنى أطعناك طاعة، ولكن الرفع يدل على ثبات الطاعة واستقرارها فلهذا لم يقرأ بغيره فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ أي دبرت خلاف ما أمرت به وما ضمنت من الطاعة. قال الزجاج: كل أمر تفكروا فيه كثيرا وتأملوا في مصالحه ومفاسده كثيرا قيل هذا أمر مبيت. وفي اشتقاقه وجهان: الأول أن أصلح الأوقات للفكر أن يجلس في بيته في الليل فهناك يكون الخاطر أصفى والشواغل أقل فلا جرم سمي الفكر المستقصى تبييتا.. الثاني قال الأخفش: إذا أراد العرب قرض الشعر بالقوافي بالغوا في التفكر فيه فسمي الفكر البليغ تبييتا، فاشتقاقه من أبيات الشعر. ثم إنه تعالى خص طائفة من المنافقين بالتبييت، وذكروا في التخصيص وجهين: أحدهما أنه ذكر من علم أنه يبقى على كفره ونفاقه، فأما من علم أنه يرجع عن ذلك فلم يذكرهم. وثانيهما أن هذه الطائفة كانوا قد سهروا ليلهم في التبييت وغيرهم سمعوا وسكتوا ولم يبيتوا فلا جرم لم يذكروا. قلت:

ووجه ثالث وهو أن هذا النوع من الكلام أجلب للقلوب وأدخل في عدم الإنكار. وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ يثبته في صحائف أعمالهم ويجازيهم عليه أو يكتبه في جملة ما يوحى إليك فيطلعك على أسرارهم فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في شأنهم فإنّ الله ينتقم لك منهم إذا قوي أمر الإسلام وعزت أنصاره. قال بعضهم: الأمر بالإعراض منسوخ بآية الجهاد. والأكثرون على أن الصفح مطلق فلا حاجة إلى التزام النسخ والله تعالى أعلم.

[التأويل:]

خُذُوا حِذْرَكُمْ وهو ذكر الله فَانْفِرُوا ثُباتٍ جاهدوا بالرياضات من عالم التفرقة وهو عالم الحيوانية أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً من عالم الجمعية وهو عالم الروحانية إلى عالم الوحدة وَإِنَّ مِنْكُمْ أيها الصدّيقون لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ من المدعين المتكاسلين في السير، القانعين بالاسم، النازلين على الرسم مصيبة شدة ومجاهدة فضل من الله مواهب غيبية وعلوم لدنية ومرتبة عند الخواص وقبول عند العوام يشترون الحياة الدنيا يشترون حظوظ النفس بحقوق الرب فيقتل نفسه بسيف الصدق أو يغلب عليها بالظفر فتسلم على مدة. وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ أي الأرواح الضعيفة استضعفتها النفوس باستيلائها عليها وَالنِّساءِ أي القلوب فإنّ القلب للروح كالزوجة للزوج لتصرف الروح في القلب كتصرف الزوج في الزوجة. وَالْوِلْدانِ الصفات الحميدة المتولّدة بين الروح والقلب مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ قرية البدن الظَّالِمِ أَهْلُها وهي النفس الأمارة بالسوء نَصِيراً شيخا مربيا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ من أهل السلامة كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ من الاعتصام بحبل أهل الملامة وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فإنكم لستم أهل الغرام فاقنعوا بدار السلام والسلام لأرباب

<<  <  ج: ص:  >  >>