المسألة الأولى: القراآت السبع متواترة لا بمعنى أن سبب تواترها إطباق القراء السبعة عليها، بل بمعنى أن ثبوت التواتر بالنسبة إلى المتفق على قراءته من القرآن كثبوته بالنسبة إلى كل من المختلف في قراءته، ولا مدخل للقارىء في ذلك إلا من حيث أن مباشرته لقراءته أكثر من مباشرته لغيرها حتى نسبت إليه. وإنما قلنا: إن القراآت متواترة لأنه لو لم تكن كذلك لكان بعض القرآن غير متواتر كملك ومالك ونحوهما إذ لا سبيل إلى كون كليهما غير متواتر، فإن أحدهما قرآن بالاتفاق، وتخصيص أحدهما بأنه متواتر دون الآخر تحكّم باطل لاستوائهما في النقل، فلا أولوية فكلاهما متواتر. وإنما يثبت التواتر فيما ليس من قبيل الأداء كالمدّ والإمالة وتخفيف الهمزة ونحوها.
الثانية: اتفقوا على أنه لا تجوز القراءة في الصلاة بالوجوه الشاذة، لأن الدليل ينفي جواز القراءة بها مطلقا لأنها لو كانت من القرآن لبلغت في الشهرة إلى حدّ التواتر عدلنا عن الدليل في جواز القراءة خارج الصلاة للاحتمال، فوجب أن تبقى قراءتها في الصلاة على أصل المنع.
الثالثة: السبعة الأحرف التي نزل بها القرآن في
قوله صلى الله عليه وسلم:«إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، لكل آية منه ظهر وبطن ولكل حدّ مطلع» .
عند أكثر العلماء أنها سبع لغات من لغات قريش لا تختلف ولا تتضادّ بل هي متفقة المعنى. وغير جائز عندهم أن يكون في القرآن لغة لا تعرفها قريش لقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: ٤] وذلك أن قريشا تجاور البيت، وكانت أحياء العرب تأتي إليهم للحج ويستمعون لغاتهم ويختارون من كل لغة أحسنها، فصفا كلامهم واجتمع لهم مع ذلك العلم بلغة غيرهم. ومما يدلّ على أن السبعة الأحرف هي سبع لغات متفقة المعنى ما روي عن ابن سيرين أن ابن مسعود قال: اقرءوا القرآن على سبعة أحرف وهو كقول أحدكم هلم