الغرام من أهل الملام إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ ويخافون لومة الناس ولو كان من شرطهم أن لا يخافوا لومة لائم ولا يناموا نومة نائم فنفروا عن فريقهم كالبهائم، وضلوا عن طريقهم كالهائم. لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فنموت بالآجال فإن لنا كل لحظة موتة في ترك حظوة. فيا أيها البطلة في زي الطلبة الذين غلب عليكم حب الدنيا فأقعدكم عن طلب المولى أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ اضطرارا إن لم تموتوا قبل أن تموتوا اختيارا وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ أجسام قوية مجسمة وَإِنْ تُصِبْهُمْ يعني أهل البطالة حَسَنَةٌ من فتوحات غيبية يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا يرون للشيخ فيما عليهم حقا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ من الرياضات والمجاهدات يَقُولُوا للشيخ هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ أي بسببك وسعيك قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ القبض والبسط والفرح والترح ما أَصابَكَ من فتح وموهبة فَمِنَ اللَّهِ فضلا وكرما وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ بلاء وعناء فَمِنَ شؤم صفات نَفْسِكَ الأمارة. والتحقيق فيه أن للأعمال أربع مراتب: التقدير والخلق وهاتان من الله تعالى، والكسب والفعل وهاتان من العبد، وإن كان العبد وكسبه وفعله كلها مخلوقة خلقها الله تعالى فافهم. وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا يهتدون بهداك ويتبعون خطاك، ويقولون إذا كانوا حاضرين في صحبتك، وتنعكس أشعة أنوار النبوة عليهم، ويصغون بآذانهم الواعية إلى الحكم والمواعظ الوافية السمع والطاعة. فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ وهبت عليهم رياح الهوى عاد الطبع المشئوم إلى أصله وهكذا حال أكثر مريدي هذا الزمان من مشايخهم والله يكتب بغير عليهم ما يُبَيِّتُونَ لأنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ واصبر معهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فلعل الله يصلح بالهم.