اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ أرض البشرية ما لَها مِنْ قَرارٍ لأنها من الأعمال الفانيات لا من الباقيات الصالحات. يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا يمكنهم في مقام الإيمان بملازمة كلمة لا إله إلا الله والسير في حقائقها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لأن سير أصحاب الأعمال ينقطع بالموت وسير أرباب الأحوال لا ينقطع أبدا. وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ أرواحهم وقلوبهم ونفوسهم وأبدانهم، أنزلوا أبدانهم جهنم البعد ونفوسهم الدركات وقلوبهم العمى والصمم والجهل، وأرواحهم العلوية أسفل سافلين الطبيعة فبدلوا نعم الأخلاق الحميدة كفرا لأوصاف الذميمة اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سموات القلوب وأرض النفوس وَأَنْزَلَ مِنَ سماء القلوب ماءً الحكمة فَأَخْرَجَ بِهِ ثمرات الطاعات رِزْقاً لأرواحكم وَسَخَّرَ لَكُمُ فلك الشريعة لِتَجْرِيَ فِي بحر الطريقة بأمر الحق لا بالهوى والطبع. وكم لأرباب الطلب من سفن انكسرت بنكباء الهوى وَسَخَّرَ لَكُمُ أنهار العلوم الدينية وشمس الكشوف وقمر المشاهدات وليل البشرية ونهار الروحانية. ومعنى التسخير في الكل جعلها أسبابا لاستكمال النفس الإنسانية وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ من سائر الأسباب المعينة على ذلك، فجميع العالم بالحقيقة تبع لوجود الإنسان وسبب لكماليته وهو ثمرة شجرة المكونات فلذلك قال: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها لأن مخلوقاته غير منحصرة وكلها مخلوق لاستكماله إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ بإفساد استعداده كَفَّارٌ لا يعرف قدر نعمة الله في حقه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. قوله تعالى: