للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقامه من يكون بصدد الانقضاء والانقراض فالأزلي القديم لا يفتقر إلى الولد ولا يصح له مثل. وأيضا الغني لا يفتقر إلى الشهوة ولا إلى إعانة الولد، ولو صح أن يتولد منه مثله لصح أن يكون هو أيضا متولدا من مثله ولا يشكل هذا بالولد الأول من الأشخاص الحيوانية فإن المدعي هو الصحة لا الوقوع. ثم بالغ في البرهان فقال: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وإذا كان الكل ملكه وعبيده فلا يكون شيء منها ولدا له لأن الأب يساوي الابن في الطبيعة بخلاف المالك. ثم زيف دعواهم الفاسدة فقال: إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أي ما عندكم من حجة بهذا القول. قال في الكشاف: والباء حقها أن تتعلق بقوله: إِنْ عِنْدَكُمْ على أن يجعل القول مكانا للسلطان كقولك: ما عندكم بأرضكم موز. كأنه قيل: إن عندكم فيما تقولون سلطان. أقول: كأنه نظر إلى أن استعمال الباء بمعنى «في» أكثر منه بمعنى «على» . ثم وبخهم على القول بلا دليل ومعرفة فقال: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ. ثم أوعدهم على افترائهم فقال: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ الآية. ثم بين أن ذلك المفتري إن فاز بشيء من المطالب العاجلة والمآرب الخسيسة من رياسة ظاهرة وغرض زائل فذلك مَتاعٌ قليل فِي الدُّنْيا. ثم لا بد من الموت والرجوع إلى حكم الله ثم حصول الشقاء المؤبد والعذاب الأليم أعاذنا الله منه.

[التأويل:]

وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ من النبوة وَما تَتْلُوا من شأن النبوة مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ يا أمة محمد صلّى الله عليه وسلم مِنْ عَمَلٍ من الأعمال من قبول القرن ورده من مثقال ذرة مما أظهر من حركة في أرض البشرية بعمل من أعمال الخير والشر. وَلا فِي السَّماءِ أي في سماء القلوب بالنيات الصالحة والفاسدة وَلا أَصْغَرَ من الحركة وهو القصد دون الفعل وَلا أَكْبَرَ من النية وهو العمل أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ الذين هم أعداء النفوس لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من تمني النظر بنفوسهم وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم من شهوات النفوس للعداوة القائمة بينهم هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

بالوقائع والمبشرات فِي الْآخِرَةِ

بكشف القناع عن جمال العزة. تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ

لأحكامه الأزلية حيث قال للولي كن وليا وللعدوّ كن عدوا وَلا يَحْزُنْكَ يا رسول القلب قول مشركي النفوس في تزيين شهوات الدنيا ولذاتها في نظرك إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً يعز من يشاء في الدنيا وفي الآخرة جميعا فلا يمنعه نعيم الدنيا عن نعيم الآخرة بل ربما يعينه على الآخرة كما

جاء في الحديث الرباني «وإن من عبادي من لا يصلحه الا الغنى فإن أفقرته يفسده ذلك»

أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ أي القلوب السماوية والنفوس الأرضية إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ أي يظنون أنهم يتبعون شركاء الدنيا والهوى باختيارهم لا باختيارنا

<<  <  ج: ص:  >  >>