الوجود تَوَفَّتْهُ رسل صفات قهرنا وهم لا يقصرون في إفناء الأوصاف ثُمَّ رُدُّوا إلى البقاء بالله قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ بر الأجسام وبحر الأرواح فإن عالم الأرواح بالنسبة إلى عالم الألوهية ظلمانية. تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً بالجسم وَخُفْيَةً بالروح وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ آفة وفتنة ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ حين يتجلى لكم نور من أنوار صفاته، فبعضكم يقول: أنا الحق وبعضكم يقول: سبحاني ما أعظم شأني عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ بسدل حجاب العزة والغيرة بينه وبينكم أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ حجابا من أوصاف بشريتكم باستيلاء الهوى عليكم أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً بجعل الخلق فيكم فرقا. فمن قائل هم الصديقون، ومن قائل هم الزنديقون وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ بالقتل والصلب وقطع الأطراف انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ آيات المعارف للسائرين إلى الله لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ لشرائط السير ولا يفقهون في مقام دون الفناء عن كلية الوجود بالبقاء بشهود المعبود وَكَذَّبَ بهذا المقام قَوْمُكَ المنكرون وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لا أسلك طريق هذا المقام بوكالتكم لأنه ليس للإنسان إلا ما سعى كما قال لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ أي لكل سائر وواقف مستقر من درجات القرب أو دركات البعد وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في أحوال الرجال ولا حظ لهم منها فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ولا تجالسهم حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غير تلك الطامات التي هي ريح في شبح. وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً لأن همهم من لبس الخرقة والتزيي بزي الطالبين إنما هو الدنيا وقبول الحق أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ أي كراهة أن يبطل استعدادها بالكلية بِما كانُوا يَكْفُرُونَ بمقامات الرجال من الوصول والوصال قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أنطلب غير الله الذي هو النافع الضار. والنفع الحقيقي هو الفوز بالوصول إليه، والضر الحقيقي هو الانقطاع عنه. وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا إلى مقام الاثنينية التي كنا فيها بعد أن هدانا الله إلى الوحدة كالذي أضلته شياطين الجن والإنس في أرض البشرية باتباع الهوى حَيْرانَ من إغوائهم. وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ بترك الوجود كالكرة في ميدان القدرة مستسلما لصولجان القضاء وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ بمحافظة الأسرار عن الأغيار والاتقاء به عن غيره ليحشر إليه لا إلى الجنة أو النار كما قال: ألا من طلبني وجدني. وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ أي لإظهار صفاته، فجعل المخلوقات مرآة لجماله وجلاله وإذا أراد أن يرى عبدا من عباده تلك الصفات يقول له: كن رائيا فيكون، ولن يصير رائيا بمجرد سعيه لأن قوله في حق الإنسان كن رائيا هو الحق وله ملك الإراءة وملك الرؤية، ينفخ الإراءة في صور القلب وَهُوَ الْحَكِيمُ فيما اختص الإنسان بإراءة الآيات الْخَبِيرُ بمن يخصه من بين الناس بالإراءة.