للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصفون من قيام الساعة وحصول الثواب والعقاب فنحن أكرم على الله من أن يعذبنا.

وخامسها: قالوا رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً [السجدة: ١٢] وهو قذف بالغيب من مكان بعيد وهو الدنيا. وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ من نفع الإيمان في الآخرة أو من الرد إلى الدنيا كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ أي بأشباههم من كفرة الأمم لم ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأس الله ومُرِيبٍ موقع في الريب منقول من الأعيان إلى المعنى أو ذو ريبة وذلك باعتبار صاحبه وكلاهما مجاز بوجهين وقد مر في هود.

[التأويل:]

مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ القلوب وَلا فِي الْأَرْضِ النفوس من سعادة أو شقاوة قالُوا الْحَقَّ يعني ما فهموا من الهيبة كلامه ولكن يعلمون أنه لا يقول إلا الحق قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ من سموات القلوب وأرض النفوس إذا نزل من سماء القلب ماء الفيض على أرض الشرعية. أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ من الدنيا والهوى والشيطان كافة للناس من أهل الأولين والآخرين في عالم الأجساد وهو ظاهر، وفي عالم الأرواح تبشرها بأن لها كمالا عند الاتصال بالأشباح وتنذرها بالحرمان إن لم تتعلق بالأجسام، وذلك أن الأرواح علوية نورانية والأشباح سفلية مظلمة لا يحصل بينهما التعلق إلا بالتبشير والإنذار. فالروح بمثابة البذر والقالب كالأرض، وشخص الإنسان بمثابة الشجرة، والتوحيد والمعرفة ثمرتها، والشريعة كالماء والبشير والنذير كالآكار. وإذا أمعنت النظر وجدت شجرة الموجودات نابتة من بذر روحه صلى الله عليه وسلم وهو ثمرة هذه الشجرة مع جميع الأنبياء والمرسلين ولكن بتبعية محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا حصلت له رتبة الشفاعة دونهم. يقولون يعني أرباب الطلب يستعجلون متى نصل إلى الكمال الذي بشرتمونا به. ثم بين أن لثمرة كل شجرة وقتا معلوما لا تتجاوزه أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ أي أكثر مدعي الإسلام بأهل الأهواء مؤمنون وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ فيه أن معارف الأسرار ومراتب الأحرار لا تصلح لمن هو أسير في أيدي صفات النفس وَحِيلَ بَيْنَهُمْ لأن الدين ليس بالتمني والله أعلم بحقائق الأشياء والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>