للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتابعة. وتعلقت بالخاص من أهل المعرفة بالفضل ومشربهم الأخلاق فقيل لهم:

فَاتَّبِعُونِي بمكارم الأخلاق يحببكم بالفضل يخصكم بتجلي صفات الجمال وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ يستر ظلمة صفاتكم بأنوار صفاته. وتعلقت بالأخص من أهل المعرفة بالجذبات ومشربهم الأحوال فقيل لهم فَاتَّبِعُونِي ببذل الوجود يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ يخصكم بجذبكم إلى نفسه وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذنوب وجودكم فيمحوكم عنكم ويثبتكم به كما

قال: «فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا» «١»

فهم بين روضة المحو وغدير الإثبات أحياء غير أموات، ويكون في هذا المقام المحب والمحبوب والمحبة واحدا كما أن الرائي في المرآة يشاهد ذاته بذاته وصفاته بصفاته فيكون الرائي والمرئي والرؤية واحدا. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإن متابعته صورة جذبة الحق وصدف درّة محبته لكم. إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وذلك أن الله تعالى خلق العالمين سبعة أنواع: الجماد والمعدن والنبات والحيوان والنفوس والعقول والأرواح، وجمع في آدم جميع الأنواع وخصه بتشريف ثامن هو تشريف وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [ص: ٧٢] فهو المظهر لجميع آياته وصفاته وذاته وهو معنى جعله خليفة ومعنى

قوله صلى الله عليه وسلم «وإن الله خلق آدم على صورته» «٢»

ثم ذكر خواص أولاد آدم نوحا وآل إبراهيم وآل عمران والمراد بالآل كل مؤمن تقي بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ بالوراثة الدينية

«العلماء ورثة الأنبياء» «٣»

فالعالم كشجرة وثمرتها أهل المعرفة وَاللَّهُ سَمِيعٌ لدعائهم عَلِيمٌ بأحوالهم وخصالهم.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣٥ الى ٤١]

إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٧) هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩)

قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)


(١) رواه البخاري في كتاب الرقاق باب ٣٨.
(٢) رواه أحمد في مسنده (٢/ ٢٤٤، ٢٥١) . البخاري في كتاب الاستئذان باب ١. مسلم في كتاب البر حديث ١١٥.
(٣) رواه البخاري في كتاب العلم باب ١٠. أبو داود في كتاب العلم باب ١. ابن ماجه في المقدمة باب ١٧. الدارمي في كتاب المقدمة باب ٣٢. أحمد في مسنده (٥/ ١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>