كالعدم. وقيل: المراد أنهم عبدوا الشياطين حيث أمروهم باتخاذ الأنداد، ومن جوز الكذب في القيامة فلا إشكال. وهُنالِكَ أي في ذلك المقام وفي ذلك الموقف أو في ذلك الوقت على استعارة اسم المكان للزمان. تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ تختبر وتذوق ما أَسْلَفَتْ من العمل. ومن قرأ بالنون فالمعنى نفعل بها فعل الخابر، أو نصيب بالبلاء وهو العذاب كل نفس عاصية لأجل ما أسلفت من الشر. ومن قرأ تتلوا بتاءين فمعناه تتبع ما أسلفت لأن عمله هو الذي يهديه إلى طريق الجنة أو إلى طريق النار، أو تقرأ في صحيفتها ما قدمت من خير أو شر. وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ الصادق ربوبيته وَضَلَّ عَنْهُمْ وضاع عنهم ما كانُوا يدعون أنهم شركاء الله أو ما كانوا يختلفون من شفاعة الآلهة.
والحاصل أنهم يرجعون عن الباطل ويعترفون بالحق حين لا ينفعهم ذلك.
[التأويل:]
وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ ذوق توبة وإنابة أو ذوق كشف وشهود مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ وهي الفسوق والأخلاق الذميمة وحجب الأوصاف إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا بإظهارها إلى غير أهلها بشرف النفس وطلب الجاه والقبول. قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً فيستدرجهم عن تلك المقامات إلى دركات البعد مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ في بر البشرية وبحر الروحانية، أو في بر العبودية وبحر الربوبية حَتَّى إِذا كُنْتُمْ في فلك جذبات العناية وَجَرَيْنَ بِهِمْ بهبوب نسيم شهود الجمال وَفَرِحُوا بالوصول والوصال جاءَتْها نكباء تجلى صفات الجلال وَجاءَهُمُ موج البلايا والمحن من أماكن النعم والبلاء موكل بالأنبياء ثم بالأولياء ثم الأمثل فالأمثل فَلَمَّا أَنْجاهُمْ فيه إشارة إلى أن أرباب الطلب لما وصلوا بجذبات الحق إلى شهود الجمال واستغراق لجج بحر الجلال، استقبلتهم عواصف العزة والكبرياء فيستدرجهم إلى البغي وهو الطلب في أرض ما سوى الحق غير الحق كَماءٍ أَنْزَلْناهُ من سماء القلب إلى أرض البشرية فَاخْتَلَطَ بِهِ الصفات المولدة من أرض البشرية مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ من الصفات الحميدة الإنسانية والذميمة البهيمية أَتاها حكمنا الأزلي لَيْلًا عند استيلاء ظلمات صفات النفس أَوْ نَهاراً عند بقاء ضوء الفيض الروحاني، لكنه بامتزاج القوة الخيالية والوهمية وقع في ورطة العقائد الباطلة كما لبعض الفلاسفة والمبتدعة. وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وهي مقام الفناء لأن صاحبه يسلم عن آفات الحجب أو مقام العلم والمعرفة لأن صاحبه يسلم عن آفة الاثنينية والجهالة وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بجذبات العناية إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يؤدي إلى السير بالله في الله. لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، والحسنى هي شواهد الحق والنظر إليه، والزيادة الجنة وما فيها من