للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطر فكثر خيرهم. وعن الحسن: جعل الله لهم أخذ الجزية بدلا عن ذلك. وقيل:

أغناهم من الفيء. وعن مقاتل: أسلم أهل جدة وصنعاء وجرش وحملوا الطعام إلى مكة فكان ذلك أعود عليهم. واعلم أن هذا إخبار بالغيب وقد وقع فكان معجزا. ومعنى إِنْ شاءَ تعليم وإرشاد وأن لا يغتر المسلمون بذلك فيتركوا التضرع إلى الله واللجأ إليه، وليعلم أن حصول ذلك لا يكون في كل الأوقات لأغراض ومقاصد لا يعلمها إلا ضابط الأمور ورابط الأسباب، ولهذا ختم الآية بقوله إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ أي بأحوالكم حَكِيمٌ لا يعطي ولا يمنع إلا عن حكمة وصواب.

[التأويل:]

ما كان لمشركي النفوس الأمارة أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ وهي القلوب وهم مصرون على ما جبلوا عليه من التمرد وتعبد الهوى. حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ التي صدرت عنهم رياء وسمعة إِنَّما يَعْمُرُ القلوب مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ صدق بأن المقصود والمعبود هو الله، وعمل لنيل السعادات الأخروية وأدام المناجاة مع الله بصدق الطلب، وزكى نفسه عن الأخلاق الذميمة ولم يخف فوات الخطوط الدنيوية وإنما يخاف فوات الحقوق الإلهية. سِقايَةَ الْحاجِّ خدمة هذه الطائفة للأغراض الفاسدة وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الأعمال الموجبة لعمارة القلوب إذا كانت مشوبة بالرياء والهوى لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ الطالبون والبطالون وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الذين يضعون الأعمال الصالحة في غير موضعها الَّذِينَ آمَنُوا أي القلوب المؤمنة وَهاجَرُوا أي الأرواح المهاجرة إلى القوالب وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الجهاد الأكبر بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ببذل الموجود والوجود جميعا يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بعد الخلاص عن حبس الوجود بتجلي صفات لطفه وجنات الشواهد والكشوف إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ أي من وصل إلى مقام العندية فالله يعظم أجره لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ الآيتان. فيهما إشارة إلى أن آثر محبة المخلوق على محبة الخالق فقد أبطل الاستعداد الفطري لقبول الفيض الإلهي.

وَيَوْمَ حُنَيْنٍ أي حين حنت قلوبكم شوقا إلى لقاء ربها وحسبتم أنكم تبلغونه بكثرة الطاعات، وضاقت عليكم أرض الوجود ثم أعرضتم عن الطلب إذ احتجبتم بحجب العجب مدبرين إلى عالم الطبيعة الحيوانية ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ هي واردات ترد على الأرواح والقلوب فتسكن إلى ربها على رسول الروح وعلى القلوب المؤمنة وَأَنْزَلَ جُنُوداً من المواهب الربانية وعذب النفوس المتمردة باستعمالها في أحكام الشريعة وآداب الطريقة ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ أي علاج النفوس المتمردة ثم يتوب الله من بعد ذلك العلاج بجذبة ارْجِعِي، إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ النفوس العابدة للدنيا والشيطان والهوى

<<  <  ج: ص:  >  >>