للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله وَلَمْ يَتَّخِذُوا معطوف على جاهَدُوا داخل في حيز الصلة. والوليجة لبطانة يعني الحبيب الخالص «فعلية» من ولج كالدخيلة من دخل، أو هو الرجل يكون في القوم وليس منهم. قال الواحدي: يقال هو وليجتي وهم وليجتي يستوي فيه الواحد والجمع. ومعنى الآية لا تحسبوا أن تتركوا على ما أنتم عليه ولم يظهر بعد معلوم الله من تميز المجاهدين المنافقين من المجاهدين الخلص الذين جاهدوا لوجه الله ولم يتخذوا حبيبا من الذين يضادون رسول الله والمؤمنين. ثم ختم الآية بقوله وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ليعلموا أنه لم يزل عالما بالأشياء لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فيجدّوا في استقامة السيرة ويجتهدوا في نقاء السريرة.

[التأويل:]

بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ من النفوس المشركة التي اتخذت الهوى وصنم الدنيا معبودا فهادنها الروح والقلب في أوان الطفولية لاستكمال القالب وتربيته فَسِيحُوا في أرض البشرية أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ هي مدة كمال الأوصاف الأربعة: النباتية والحيوانية والشيطانية والإنسانية وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى الصفات الناسوتية يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يوم الوصول إلى كعبة الجمال والحج الأصغر الوصول إلى كعبة القلب إن زيارة كعبة الوصال حرام على مشركي الصفات الناسوتية فَإِنْ تُبْتُمْ عن الناسوتية بإفنائها في اللاهوتية فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ من قيامكم بالناسوت وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ركنتم إلى غير الله فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ عن التصرف فيكم. أما لأهل السعادة فبالجذبات الأزلية، وأما لأهل الشقاوة فبأليم عذاب القطيعة إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ أيها القلوب والأرواح من مشركي النفوس على التوافق في العبودية ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شيئا من وظائف الشريعة وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً من الشيطان والدنيا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ بالمداراة والرفق إلى أوان طلوع قمر العناية ونجم الجذبة والهداية. فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ استكملت مدة التربية تمام الأوصاف الأربعة فَاقْتُلُوا النفوس المشركة بسيف النهي عن الشهوات حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ في الطاعة بأن تكلفوها إياها وفي المعصية بأن تزجروها عنها وَخُذُوهُمْ بآداب الطريقة وَاحْصُرُوهُمْ احبسوهم في حصار الحقيقة وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ راقبوهم في الأحوال كلها فَإِنْ تابُوا رجعوا إلى طلب الحق وَأَقامُوا الصَّلاةَ أدّوا حق العبودية وَآتَوُا الزَّكاةَ تزكت عن الأخلاق الذميمة فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ اتركوا التشديد عليهم بالرياضات ليعملوا بالشريعة بعد الوصول إلى الحقيقة فإن النهاية هي الرجوع إلى البداية وَإِنْ أَحَدٌ من مشركي صفات النفس اسْتَجارَكَ يا قلب لترك ما هو المخصوص به من الصفات الذميمة فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>