السادسة:
قال الله تعالى: «يا عبدي قلبك بستاني وجنتي بستانك فلما لم تبخل عليّ ببستانك بل أنزلت معرفتي فيه لم أبخل عليك ببستاني وأنزلك فيه» .
وهاهنا لطيفة وهي أن الله تعالى كأنه يقول للعبد أنت الذي أنزلت سلطان المعرفة في حجرة قلبك ومن أراد أن ينزل سلطانا في حجرة نفسه يجب عليه كنس الحجرة وتنظيفها فنظّف حجرة قلبك من تلوّث الوسوسة وقل: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» .
السابعة: أقسم في حق أبويك أنه لمن الناصحين فدلاهما بغرور، وأقسم فيك لأغوينهم أجمعين. فما ظنك بعاقبة معاملته معك فقل: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» .
الثامنة: إنما اختص اسم الله للاستعاذة به من بين سائر الأسماء لأن العدوّ كلما كان أشدّ احتيج إلى عدة أكثر، والاسم الجامع لجميع الصفات الكمالية إنما هو الله فكأنّ العبد قال:
أعوذ بالقادر العالم الحكيم الذي لا يرضى بشيء من المنكرات من الشيطان الرجيم.
التاسعة: الشيطان اسم والرجيم صفة له. ثم إنه تعالى لم يقتصر على الاسم بل ذكر صفته تنبيها للعبد أن الشيطان بقي في الخدمة ألوفا من السنين ولم يقدر على مضرّتنا، ومع ذلك رجمناه وطردناه. وأنت لو صاحبك الشيطان لحظة واحدة أخلدك في النار فكيف لا تشتغل بطرده فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
العاشرة:
يقول الله تعالى: «عبدي إنه يراك وأنت لا تراه فينفذ كيده فيك»
، فتمسّك بمن يرى الشيطان ولا يراه الشيطان، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
الحادية عشرة: الألف واللام في «الشيطان» للجنس لتفيد الاستعاذة من هذا الجنس مطلقا مرئيا وغير مرئي، ولو جعل للعهد جاز وتدخل ذرّيته فيه تبعا.
الثانية عشرة: الشيطان بعيد وأنت قريب وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: ١٦] فكما أن الشيطان لا يجعله الله قريبا لقوله تعالى: وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الأحزاب ٦٢ والفتح: ٢٣] فاعرف أنه لا يجعلك الله تعالى بعيدا حين جعلك قريبا.
الثالثة عشرة: إن الشيطان رجيم، وإن الله رحمن رحيم، فاحذر من الشيطان الرجيم لتصل إلى الرحمن الرحيم.
الرابعة عشرة: الشيطان عدوّ غائب إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف: ٢٧] والله تعالى حبيب غالب وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ [يوسف: ٢١] فإذا قصدك العدوّ الغائب فافزع إلى الحبيب الغالب.