بالجسمية والحلول والنزول. السادس لعل الإيمان إنما يتم بالإقرار بوحدانية الله تعالى وبنبوة موسى كما أنه لو قيل ألف مرة لا إله إلا الله لم يصح إيمان إلا إذا قرن به محمد رسول الله إلى الناس كافة. السابع
يروى أن جبريل عليه السلام أتى فرعون بفتيا ما قول الأمير في عبد نشأ في مال مولاه ونعمته فكفر نعمته وجحد حقه وادعى السيادة دونه؟
فكتب فرعون فيه يقول أبو العباس الوليد بن مصعب: جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعمته أن يغرق في البحر، ثم إن فرعون لما غرق دفع جبريل إليه خطه فعرفه.
أما قوله آلْآنَ فالمشهور من الأخبار أنه قول جبريل. وقيل: إنه قول الله سبحانه والتقدير:
أتؤمن الساعة في وقت الاضطرار حين ألجمك الغرق وأدركك. وقوله: وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ في مقابلة قوله: وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
يروى أن جبريل أخذ يملأ فاه بالطين حين قال: آمَنْتُ لئلا يتوب غضبا عليه،
والأقرب عند العلماء أن هذا الخبر غير صحيح لأنه إن قال ذلك حين بقاء التكليف لم يجز على جبريل أن يمنعه من التوبة بل يجب أن يحثه عليها أو على كل طاعة لقوله تعالى: وَتَعاوَنُوا [المائدة: ٢] ولو منعه لكانت التوبة ممكنة لأن الأخرس قد يتوب بأن يعزم بقلبه على ترك المعاودة إلى القبيح، ولو منعه من التوبة لكان قد رضي ببقائه على الكفر والرضا بالكفر كفر. وكيف يليق به سبحانه أن يقول لموسى وهارون فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً [طه: ٤٤] ثم يأمر جبريل بمنعه عن الإيمان. ولو قيل إن جبريل فعل ذلك من تلقاء نفسه كان منافيا لقوله: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ [مريم: ٦٤] لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ [الأنبياء: ٢٧] وإن كان قال ذلك بعد زوال التكليف فلم يكن لما فعل جبريل فائدة اللهم إلا أن يقال: إنه دس حال البحر في فيه في وقت لا ينفعه إيمانه غضبا لله على الكافر. قوله: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ فيه أقوال منها:
أن معناه نخرجك من البحر ونخلصك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ولكن بعد أن تغرق. وقوله: بِبَدَنِكَ في موضع الحال أي في الحال التي لا روح فيك وإنما أنت بدن. قال كعب: رماه الماء إلى الساحل كأنه ثور، أو المراد ببدنك كاملا سويا لم ينقص منه شيء ولم يتغير، أو عريانا لست إلا بدنا وفيه نوع تهكم كأنه قيل: ننجيك لكن هذه النجاة إنما تحصل لبدنك لا لروحك كما يقال: نعتقك أو نخلصك من السجن ولكن بعد أن تموت. وقيل: ننجيك ببدنك أي نلقيك بنجوة من الأرض وهي المكان المرتفع.
وقيل: ببدنك أي بدرعك. قال الليث: البدن الدرع القصير الكمين. عن ابن عباس قال:
كان عليه درع من ذهب يعرف بها فأخرجه الله من الماء مع ذلك الدرع ليعرف، فإن صحت هذه الرواية كانت معجزة لموسى عليه السلام. وأما قوله: لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ