للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الحال في قصيدة (بانت سعاد) «١» التي قالها كعب بن زهير بن أبي سلمى في مدح الرسول، ولم تنظم إلا في سبيل النجاة من القتل، وحديث ذلك.

أسلم (بجير بن زهير بن أبي سلمى المزنيّ) فاشتد عليه أهله وكان كعب بن زهير، وهو أخوه لأبيه وأمه، شديدا عليه، فلقي بجير النبي صلى الله عليه وسلّم مهاجرا، فأرسل إليه كعب بن زهير «٢» .

ألا أبلغا عني بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا

شربت مع المأمون كأسا روية ... فأنهلك المأمون منها وعلّكا

وخالفت أسباب الهدى وتبعته ... على أيّ شيء ويب غيرك دلّكا

على خلق لم تلف أمّا ولا أبا ... عليه ولم تدرك عليه أخا لكا

فإن أنت لم تفعل فلست باسف ... ولا قائل إمّا عثرت لعالكا

فلما بلغت هذه الأبيات بجيرا أنشدها النبي صلى الله عليه وسلّم، فقال صدق! أنا المأمون وإنه لكاذب قال أجل لم يلف عليه أباه ولا أمّه على الإسلام، فأجابه بجير:

من مبلغ كعبا فهل لك في التي ... تلوم عليها باطلا وهي أحزم

إلى الله لا العزّى ولا اللات وحده ... فتنجو إذا كان النجاء وتسلم

لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت ... من النار إلا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء دينه ... ودين أبي سلمى عليّ محرّم

فلما أتاه كتاب (بجير) ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه، وأرجف به من كان في حاضره، وقالوا: هو مقتول. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكان النبي عليه السلام لا يعرفه، فجلس بين يديه ثم قال:

يا رسول الله. إن (كعب بن زهير) أتاك تائبا مسلما، فهل أنت قابل منه إن


(١) شرح الديوان: ص ٦.
(٢) الديوان ص ٣- ٤.

<<  <   >  >>