للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنا جئتك به؟ قال نعم قال: فأنا كعب، فوثب رجل من الأنصار فقال: دعني أضرب عنقه، فكفه النبي صلى الله عليه وسلّم عنه، ثم أنشده القصيدة.

وهذه الظروف ترينا أن كعب بن زهير، لم يقل لاميته وهو مأخوذ بعاطفة دينية قوية، تسمو به إلى روح التصوف، إنما هي قصيدة من قصائد المديح يقولها الشاعر حين يرجو أو يخاف وليست من المدائح النبوية في شيء.

تقع لامية «١» كعب في خمسة وخمسين بيتا، من الشعر المحكم الرصين.

وإن خلت من قوة الروح، وتجري على التقاليد الأدبية لشعراء الجاهلية، ومطلعها «٢» .

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيّم إثرها لم يجز مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغنّ غضيض الطرف مكحول

ويقول:

إن الرسول لسيف يستضاء به ... مهنّد من سيوف الله مسلول

في عصبة من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا

زالوا فما زال أنكاس ولا كشف ... عند اللقاء ولا ميل معازيل

شم العرانين أبطال لبوسهم ... من نسج داود في الهيجا سرابيل

بيض سوابع قد شكّت لها حلق ... كأنها حلق القفعاء مجدول

يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ... ضرب إذا عرّد السود التنابيل

لا يقع الطعن إلا في نحورهم ... ما إن لهم عن حياض الموت تهليل

فهي قصيدة جاهلية تغلب عليها قوة السبك، ولكنها تكاد تخلو من روح الدين «٣» ولا غرابة في ذلك، فإن كعب بن زهير، لم يمدح الرسول إلا لينجو


(١) وفي بعض الكتب في ثمانية وخمسين بيتا.
(٢) الديوان. ص ٦.
(٣) المدائح النبوية ص ٢٤.

<<  <   >  >>