وقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء، وهؤلاء، من غير تثريب أو لوم أو إنحاء ...
وحصر المسلمون يهود بني قريظة خمسة وعشرين يوما، وانتهى أمرهم بالتسليم، ويومئذ فرح المؤمنون بنصر الله ... ثم كانت بعد ذلك غزوة بني لحيان ثم غزوة ذي قرد ... ولم يسترح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك غير شهر أو بعضه حتى نما إلى علمه أن بني المصطلق الخزاعيين يحشدون الحشود ويجيشون الجيوش يزمعون لقاءه، ويعمدون إلى مواجهته، وأن الصدام صار وشيكا ... وكان زعيمهم في هذا الاستعداد والتأهب الحارث بن أبي ضرار بن حبيب، سيدهم وكبيرهم، وكانت الملحمة عند ماء يسمى المريسيع، وكانت حفرتها عائشة رضي الله عنها.
وكانت الواقعة، حيث اشتجرت الأسنة، والتحم الفرسان، وقصرت الأعنة، واصفرت الألوان، وحمي الوطيس، وخفقت الأعمدة على المغافر، وسطع الرهج من سنابك الخيل، وتداعت الأصوات، وتجاوبت الأصداء، وترجرجت الأرض وبلغت القلوب الحناجر حتى أسفرت الحرب بعد هياجها عن انكشاف أعداء الله، وانكسار شوكتهم، وولوا مدبرين، ولم يكن له محيص ولا تحويل عن القتل والأسر.
وسيقت أبطالهم أسارى، كما سيقت النساء سبايا ومنهن «برّة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب» عميدهم وسيدهم وكبيرهم، وهي الأخيذ الحسناء الجميلة التي قاربت العشرين من عمرها. تستمتع بخلابة وحسن فائق لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه.
ذات يوم استأذنت في الدخول على رسول الله صلى الله عليه والمثول بين