والسلام أم القرى (مكة) لأول مرة منذ سنوات سبع ومعه رجاله من غير خوف ولا وجل ...
ثم دخلت ميمونة بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسعها قلبه وفؤاده ووجدانه ... وكانت غير قادرة على مواجهة الضرائر بحال، لكنها كان يعتصرها شعور دخيل مستور غير ظاهر بالغيرة منهن ... وكانت تدرك بفراستها شعور رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه لعائشة الذي يفوق الوصف..
حتى إنه كان عندها في مرض موته، وعرفت بثاقب نظرها ونفاذ بصيرتها رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهواه، فرضيت أن ينتقل إلى بيت عائشة رضي الله عنها ليمرض فيه ... وكأنها تكتفي بأن تكون أما للمؤمنين في مناسبة ميمونة مباركة على المسلمين جميعا.
وكانت طيبة النفس مطمئنة القلب، لم يعلق بها من زخرف الدنيا ولا مظهرها الخلوب شيء، فقد كانت أقصى أمنياتها أن تكون زوجا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تكون أما للمؤمنين، فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فقبلها، وكان لها ما أرادت لخلوص نيتها، وصدق يقينها، وإخلاصها الصريح المحصن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
وتوفيت رضي الله عنها سنة إحدى وخمسين على الأرجح، صلى عليها ابن أختها عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-، ودفنت بسرف ... فرضي الله عنها وأرضاها في دار المقامة.