ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق بأولنا، لحزنا عليك حزنا أشد من هذا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. تبكي العين وتدمع، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب» وفي رواية «ولا نقول ما يسخط الرب»«١» .
ولم يعش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إبراهيم طويلا فما أهل عليه ربيع السنة التالية إلا وكان لاحقا بالرفيق الأعلى ...
ثم بقيت بعده مارية رضي الله عنها بضع سنوات في شبه عزلة عن الحياة والأحياء، لا تكاد تشعر بالدنيا من حولها حبيسة دارها حلس بيتها، وأدركها الوهن والحزن العميق والكابة ... فلا تكاد تبرح وتزايل دارها إلا لزيارة الحبيبين في المسجد أو في البقيع ... ولما دنت ساعة الرحيل أسلمت الأنفاس وجادت بالروح إلى بارئها، راضية مرضيا عنها، وحشد عمر رضي الله عنه لجنازتها الناس وصلى عليها، ثم دفنها بالبقيع فرضي الله عنها وأرضاها، وسلام عليها في جنات النعيم.
(١) راجع تاريخ الطبري، والسيرة النبوية، والروض الأنف للسهيلي والطبقات الكبرى لابن سعد.