"ولا سيما عند من لا تمييز عنده إلا بأن يوقفه على التمييز غيره -يعني من العلماء المميزين والأئمة النقاد- فإذا كان الأمر في هذا كما وصفنا فالقصد منه إلى الصحيح القليل أولى بهم من ازدياد السقيم -يعني بعض الناس يقتصر فيه على الصحيح؛ لأنه لا يؤهل لأن يكون إماماً للناس يعلمهم الصحيح وغير الصحيح، الصحيح ليعمل به، وغير الصحيح ليجتنب ويحذر منه- وإنما يرجى بعض المنفعة في الاستكثار من هذا الشأن وجمع المكررات منه لخاصة من الناس، ممن رزق فيه بعض التيقظ -للتمييز بين الصحيح والضعيف - والمعرفة بأسبابه وعلله -لمعرفة أسباب الضعف، وعلل الأحاديث الضعيفة- فذلك -إن شاء الله- يهجم بما أوتي -يعني يُقدم على الإكثار من الأحاديث والتنويع؛ لأن عنده تيقظ يستطيع أن يميز به، "فذلك إن شاء الله يهجم بما أوتي من ذلك" الباء سببية يعني بسبب ما أوتي من ذلك الحفظ والتيقظ والمعرفة من ذلك كله، هذا يستطيع أن يهجم على الفائدة في الاستكثار من جمعه، يعني يحصل فائدة عظمى من الإكثار، ويستطيع أن يصل إلى الفوائد من هذه المادة الكثيرة التي تناسبه، ولا تناسب غيره.
"على الفائدة في الاستكثار من جمعه، فأما عوام الناس".
يعني عوام الناس بما فيهم بعض طلاب العلم لم يصلوا إلى هذه المرتبة؛ لأنهم في أحكام العوام، ولا نقول: العوام أصحاب التجارات وأصحاب الأسواق، وهيشات الناس، والذين لا يعنون بالعلم، لا، هم ممن يعنى بالعلم، لكنهم الكثرة الكاثرة من طلاب العلم الذين لا يتأهلوا.
"فأما عوام الناس الذين هم بخلاف معاني الخاص".
الخاص من هو؟ الخاص: الذي رزق بعض التيقظ، الذي لم يرزق بعض التيقظ وإن اعتنى بهذا الشأن فإنه يستمر أنه يصنف من عوام الناس "فأما عوام الناس الذين هم بخلاف معاني الخاص من أهل التيقظ والمعرفة فلا معنى لهم -يعني لا فائدة لهم- في طلب الكثير وقد عجزوا عن معرفة القليل" يعني ما معنى طالب علم يحاول جاهداً أن يحفظ حديث ويعجز، يريد أن يحفظ آية ويعجز؟ ويقال له: احفظ في اليوم ورقة، احفظ مائة حديث، لا يا أخي. "فلا معنى لهم في طلب الكثير، وقد عجزوا عن معرفة القليل".
"ثم إنا -إن شاء الله- مبتدئون"
نقف على هذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.