[الكلام على (أما بعد) وأقسام الحديث، ورواية الأحاديث الصحيحة]
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
الطالب: قال -رحمه الله تعالى-:
"وبعد -يرحمك الله- فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثاً فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والروايات المنكر وتركيب الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة بعدما معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيراً مما يقذقون به إلى الأغبياء من الناس هو مستنكر، ومنقول عن قوم غير مرضيين ممن ذم الرواية عنهم أئمة أهل الحديث، مثل مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة لما سهل علينا الانتصاب لما سألت من التمييز والتحصيل، ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة بالأسانيد الضعاف المجهولة، وقذفهم بها إلى العوم الذين لا يعرفون عيوبها خف على قلوبنا إجابتك إلى ما سألت.
واعلم -وفقك الله تعالى- أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بن صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين ألا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه وأن ينتقي منها ما كان من أهل التهم والمعاندين من أهل البدع، والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله -تعالى ذكره-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [(٦) سورة الحجرات]، وقال -جل ثناؤه-: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء} [(٢٨٢) سورة البقرة]، وقال -عز وجل-: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} [(٢) سورة الطلاق]، فدل بما ذكرنا من هذه الآي، أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول، وأن شهادة غير العدل مردودة، والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه فقد يجتمعان في أعظم معانيها إذا كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم.