ثم إنا -إن شاء الله- مبتدئون في تخريج ما سألت، وتأليفه على شريطة سوف أذكرها لك، وهو إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله -صلى الله عنه وسلم- فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار إلا أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك؛ لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام فلا بد من إعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة، أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره إذا أمكن، ولكن تفصيله ربما عسر من جملته فإعادته بهيئته إذا ضاق ذلك أسلم.
فأما ما وجدنا بداً من إعادته بجملته من غير حاجة منا إليه فلا نتولى فعله -إن شاء الله تعالى-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في مقدمة الصحيح، ثاني الكتب -كتب السنة- ثاني الصحيحين اللذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله -جل وعلا- في قول الجمهور، وقدمه من قدمه من المغاربة.
أول من صنف في الصحيحِ ... محمدٌ وخصّ بالترجيحِ
ومسلم بعد وبعض الغرب معْ ... أبي عليٍ فضلوا ذا لو نفعْ
ومسلم بعد -يعني بعد البخاري- يعني فضلوا صحيح مسلم على صحيح البخاري وسبق الكلام في المفاضلة بين الصحيحين في شرح الألفية في الدورة السابقة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"بسم الله الرحمن الرحيم"
ابتدأ المؤلف -رحمه الله تعالى- بالبسملة إقتداءً بالقرآن، وأيضاً رسائل النبي -عليه الصلاة والسلام- ابتدأت بالبسملة، وأما الحديث:((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر)) فهو حديث ضعيف، وقد حكم جمع من الحفاظ على الحديث بجميع طرقه وألفاظه بالضعف، وحكم ابن الصلاح والنووي وبعض العلماء على رواية: الحمد فقط بالحسن، وعامة أهل العلم على تضعيف الحديث بجميع طرقه وألفاظه.
فالعبرة الإقتداء بالكتاب -القرآن- حيث افتتح بالبسمة، والعبرة أيضاً بكبته ومخاطباته -عليه الصلاة والسلام- حيث افتتحت بالبسملة، ثم ثنّى -رحمه الله- بالحمد، فقال -رحمه الله-: