مثل ما ذكرت ما في إنسان ينصح لك مثل نفسك، فوجهة نظرك قد تختلف عن وجهة نظر غيرك، يحذف المختصر شيء أنت بأمس الحاجة إليه، وكل إنسان له نظرة تختلف عن غيره، فإذا اعتمد على اختصار الآخرين فاته خير كثير، قد يكون هو بأمس الحاجة إليه، فإذا اختصر لنفسه صار علمه بما حذف كعلمه بما أثبت، يختصر لنفسه، يحرص على هذا أشد الحرص، واختصار الكتب في الجملة من أعظم وسائل التحصيل؛ لأن بعض الناس لا يستوعب يتشتت ذهنه، وقد لا يجمع إذا قرأ، لكن إذا حصر ذهنه، واختصر الكتاب استفاد فائدة عظيمة، تجدون كثير من المختصرات الموجودة في المكتبات للعلماء المتقدمين يكون المقصود بها الشخص نفسه، يختصر لنفسه، وسيلة من وسائل التحصيل، ونوصي الطلاب كلهم بهذه الطريقة إن كان الكتاب طويل يختصره، إيش المانع؟ إن كان الكتاب مختصر يحاول يجمع عليه شرح، يشرح الكتاب، إذا كان شرح يضع عليه حاشية، إذا كان شرح يحتاج إلى تكميل يضع عليه نكت، هذه طرق معروفة عند أهل العلم، وهي تنمي العلم من أعظم وسائل تحصيل العلم وتثبيته في النفس.
نأخذ بعض الأسئلة على عجل؛ لأننا تأخرنا على الإخوان.
يقول: بأيهما يبدأ طالب العلم بحفظ متون المصطلح بالبيقونية ثم النخبة من أجل التدرج في العلم؟
أنا أقول: لا شك أن البيقونية كتاب مختصر، ويمكن إنهاؤه بسرعة، لكن من أراد أن يحفظ نظم لا يحفظ إلا نظم واحد، ومثل ما ذكرنا في أول الدرس إن كانت الحافظة ضعيفة جداً، ويصعب عليه الحفظ يقتصر على هذه، يحفظها، ويفهم ما عداها، ما يقتصر عليها بحيث لا يطالع ولا يراجع ولا يقرأ، ولا يحضر دروس يقول: خلاص أنا حافظتي ضعيفة ما عندي غير البيقونية، لا، هذا في الحفظ وفي النظم خاصة، أما يقرأ في النثر، ويسمع الشروح، ويحاول يطبق يستفيد علماً، أما إذا كانت الحافظة أقوى من ذلك فقلنا: إنه يحفظ نظم النخبة، أو اللؤلؤ المكنون، وإن كانت حافظته أقوى فيوفر همته لحفظ ألفية العراقي، أما بالنسبة لدراسة هذا الفن يبدأ بهذا المتن باعتباره ينتهي بسرعة، ثم النخبة، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم الألفية مع شروحها.