الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلا يخفى على أحد أهمية العلم الشرعي، وأن مداره على الكتاب والسنة.
العلم قال الله قال رسوله ... قال الصحابة هم أولوا العرفانِ
فالأمة المحمدية أمة نص وإتباع، ولا يمكن أن يؤخذ العلم إلا من هذين المصدرين، فلا مسلك لنا، ولا وسيلة لتحصيل العلم إلا عن طريق الكتاب والسنة، فطالب العلم بأمس الحاجة إلى معرفة هذين الوحيين، وما يخدمهما، وما يعين على فهمهما، القرآن العظيم كلام الله -جل وعلا- ثابت ثبوتاً قطعياً، غير قابل للزيادة والنقصان، محفوظ، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(٩) سورة الحجر].
وأما السنة: وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع لهذه الأمة، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد بقوله، ويعول على كلامه من أهل العلم، خالف في ذلك بعض طوائف البدع الذين لا يرون الاحتجاج بالسنة، وإنما يكتفون بالقرآن، والمراد بالسنة: ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، جميع ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، المسلم ملزم بإتباعه، والعمل به، وليست له مندوحة في أن يختار غير هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكل عمل شرعي يشترط لقبوله بعد الإخلاص لله -جل وعلا- متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، فإذا كان الأمر كذلك فلا بد من العناية بالسنة النبوية، لكن العناية بما ثبت منها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكيف نعرف الثابت من غيره؟ لا بد أن نعرف القواعد والضوابط التي استنبطها أهل العلم ليتوصل بها إلى معرفة المقبول من المردود، وذلك في علم مصطلح الحديث.