هنا يقول:"أولها الصحيح" هذا الاسم، العنوان، وتعريفه، "وهو ما اتصل إسناده، ولم يشذ أو يعل".
يرويه عدل ضابط عن مثله ... معتمد في ضبطه ونقله
هذا تعريف الحديث الصحيح، هذا كل ما عنده بالنسبة للصحيح؛ لأنها في غاية الاختصار، اقتصر على الاسم، والتعريف، "وكل واحد أتى وحده" التعريف، "أولها الصحيح" فعيل، صيغة مبالغة، من الصحة، ضد السقم، وهو ما اتصل إسناده بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله عمن فوقه، بطريق معتبر من طرق التحمل، ما تصل إسناده بأن يكون كل راوٍ من رواته الأتي وصفهم من العدول الضابطين، كل راوٍ من هؤلاء الرواة تحمل الخبر عمن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل الثمانية، التي تأتي الإشارة إليها -إن شاء الله تعالى-، التي هي: السماع من لفظ الشيخ، القراءة على الشيخ، الإجازة، المناولة، المكاتبة، الإعلام، الوصية، الوجادة، أما بالنسبة للسماع من لفظ الشيخ، والقراءة على الشيخ لا خلاف في اعتمادهما طرق من طرق التحمل، لم يخالف فيهما أحد، الإجازة محل خلاف بين أهل العلم، واستقر العمل على الرواية بها عند أهل العلم، المكاتبة أيضاً طريق معتبر من طرق الرواية، ووجدت بين الصحابة فيما بينهم، وبينهم وبين التابعين ومن بعدهم إلى شيوخ الأئمة، فرووا بها، واعتبروها طريقاً معتبراً، المناولة أيضاً إذا اقترنت بالإجازة فهي معتبرة، وإذا خلت عنها فالخلاف فيها قوي، والأصح باطلة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:
وإن خلت عن أذن المناولة ... قيل: تصح والأصح باطلة
الإعلام بأن هذا مرويه أيضاً الرواية بها ضعيفة، وإن وجد الخلاف، وكذلك الوصية، إذا أوصى بكتبه، مروياته لأحد لا يجوز أن يروي بمجرد الوصية إلا على قول شاذ، والوجادة: أن يجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، يجد فيه مرويه، يرويه بطريق الوجادة، يقول: وجدت بخط فلان هذا معروف، وفي المسند أحاديث كثيرة يقول عبد الله بن أحمد:"وجدت بخط أبي"، فهي طريق معتبر إذا لم يشك في الخط.