الجهابذة، الترجيح والقواعد موجودة، قواعد الترجيح، رجحنا خبر ميمونة؛ لأنها صاحبة الشأن، ورجحنا خبر أبي رافع؛ لأنه السفير بينهما، ولذلك يقول الحافظ العراقي:
وبالصحيح والضعيف قصدوا ... في ظاهر لا القطع والمعتمدُ
إلى آخر ما قال -رحمة الله تعالى-، كله من أجل أن الرواة ما يحكم لهم بالعصمة، قد يخطئون، وهم حفاظ ثقات أثبات، وكذلك إذا روى الضعيف نعم قد يضبط الضعيف، يكون حديث يهمه شأنه، ومن عادته يخطأ، لكن هو بحاجة إلى الحديث ضبطه وأتقنه وأداه، نعم يحكم له العلماء بأنه ثابت، ويعملون به، وإن كان راويه في الأصل ضعيفاً؛ لأنه نعم غالب ما يروي مردود، يبقى أن هذا الخبر الذي وافق فيه .. ، كيف نعرف أن هذا الضعيف ضبط؟ نعرفه بعرض روايته على رواية الثقات الأثبات، فنصحح خبره؛ لأنه وافق الثقات؛ لأن سيء الحفظ قد يحفظ، وغير العدل قد يصدق، والكذوب قد يصدق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن الشيطان:((صدقك وهو كذوب)) إذاً لا نقطع بأن هذا الضعيف لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا نقطع به نرده؛ لأننا مطالبين بالحكم على الظاهر، أما حقيقة الأمر فالله أعلم، ويبقى أن الدين دين حكم على الظاهر، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((إنما أنا بشر فلعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع)) فما علينا إلا الحكم بالظاهر، والقواعد الشرعية المتبعة، والطرائق المسلوكة، ورتب عليها الثواب والأجر على هذه الوسائل الشرعية المرعية في الشرع، كونه يصيب إذا أصاب له أجران، إذا أخطأ له أجر واحد على الاجتهاد، لكن لا بد أن يكون الهدف نصر الحق، لا يكون الباعث على ذلك الهوى، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.