قد يقول طالب العلم: كتب علوم الحديث كثيرة جداً، لا يمكن الاحاطة بها، والأمر كذلك صحيح، لكن ما الذي ينبغي أن يعتني به، ويدرسه من كتب المصطلح، هذا الكتاب الذي معنا كتاب مختصر جداً، وهي منظومة سهلة، لكن نصيحة لطلاب العلم الذي لا تسعفه الحافظة يحفظ هذه المنظومة، أربعة وثلاثين بيت سهل، لكن الذي تسعفه الحافظة، حافظته متوسطة مثلاً يحفظ نظم النخبة، في مائتي بيت وبيت، أو ستة أبيات على خلاف بين النسخ، أو منظومة الشيخ حافظ الحكمي:(اللؤلؤ المكنون) وقد أنهينا شرحها قبل ثلاثة أيام أو أربعة، وهي منظومة رائعة، ثلاثمائة وأربعين بيت، فإن كانت الحافظة أقوى فليقصر حفظه على ألفيت العراقي، على كل حال يبدأ طالب العلم بالكتب الصغيرة، المتون الميسرة في مثل هذا الكتاب، ثم النخبة، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم يتوفر جهده كله على ألفيت العراقي -رحمه الله تعالى- وشروحه، بعد ذلك يكون هذا العلم على ما قرره المتأخرون، وأما قواعد المتقدمين التي ينادي بها بعض الغيورين ممن عرف بالحرص والحرقة على السنة النبوية، وهي دعوة -إن شاء الله- إنها نابعة من قلب طيب، ومن إخلاص صادق، لكن مثل هذا الكلام لا يوجه إلى المبتدئين؛ لأنه إذا وجه مثل هذا الكلام للمبتدئين صار تضييعاً لهم؛ لأن المبتدئ لا يستطيع أن يتعامل مع أحكام المتقدمين، حتى يتأهل لذلك، كما يطالب الطالب المبتدئ بالاجتهاد في الأحكام الشرع، مثل هذا يضيعه، فعلى طالب العلم أن يتربى على قواعد المتأخرين، ثم بعد أن يتأهل لذلك، ويكثر النظر في أحكام الأئمة، ويخرج الأحاديث، ويدرس أسانيدها، ويكثر من ذلك، إذا صارت لديه الأهلية لمحاكات المتقدمين في أحكامهم هذا فرضه؛ لأن المتأخرين عالة على المتقدمين، ولا يضن بمن ينادي بنبذ قواعد المتأخرين، والاهتمام بكلام الأئمة، لا يضن بهم سوء لا أبداً، إنما باعثهم على ذلك الحرص على هذا العلم، ولا شك أن المتأخرين عالة على المتقدمين، لكن يبقى أنه كيف يتربى طالب العلم على كلام الأئمة المتقدمين؟ ومن يقلد من الأئمة المتقدمين؟ إذا عرف القواعد، وضبط وأتقن، وأكثر من دراسة تخريج الأحاديث، ودراسة الأسانيد، وتأهل للنظر في القرائن