للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعم وما بعدها من العلوم، كل العلوم احتيج إليها ألفت الكتب الاصطلاحية التي تعين على فهم الكتاب والسنة، كما ذكرنا في علوم القرآن، ومصطلح الحديث، وأصول الفقه، ظهرت الفرق المخالفة للمنهج السليم الصافي المستمد من الكتاب والسنة، فظهرت الطوائف والبدع بعد أن ترجمت الكتب فاحتيج إلى التصنيف في العقائد، والرد على هؤلاء المخالفين.

المقدم: لكن نستطيع أن نقول: أن هذا التصنيف هو البداية الحقيقية لعناية المسلمين بالمكتبات على شتى ... ؟

لا، هذه بداية التصنيف، أما لما كثرت هذه المصنفات، واحتاج الناس إليها، ممن يطلب هذا العلم بدأت العناية بالمكتبات الفردية والجماعية، الرسمية والشعبية.

المقدم: يعني نستطيع نبين هذه المكتبات أشهرها وأين هي؟

على كل حال كثرة الكتب التي أشرنا إليها لا يمكن الإحاطة بها، وجدت محاولات قديمة وحديثة لجمع أسماء الكتب والمصنفات، صنف ابن النديم كتابه (الفهرست) فجمع أسماء كتب ومدونات كثيرة جداً، لا يتجاوز مبلغ علمنا بها حدود عناوينها، لا نعرف عنها إلا العناوين، ثم بعد ذلك ألف حاجي خليفة كتابه الشهير (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون) فذكر فيه الألوف من أسماء الكتب التي وصلت إلى علمه، ثم ذُيل عليه بذيول، والكل لا يفي بالمقصود، وإن أسقط بعض الواجب، (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون) كتاب نافع في هذا الباب، مع ذيوله، على أوهام فيه، ما يسلم من أوهام.

وفي تراجم أهل العلم ذكر منهم من عني بجمع الكتب، وهم كثير جداً، هذا أخ للقاضي الفاضل الكاتب المشهور جمع من الكتب ما يملأ البيوت حتى كان عنده من صحاح الجوهري ستة عشر نسخة، الوزير القفطي المتوفي سنة (٦٤٦هـ) اشتهر بحبه الشديد للكتب، وكَلَفه بجمعها، ووصف بأنه جماعة للكتب، حريص عليها جداً، كما وصفه بذلك عصرِّيه ياقوت الحموي، من كبريات خزائن الكتب القديمة التي طال صيتها خزانة الصاحب بن عباد، وخزانة القاضي الفاضل، فقد تجاوز عدد كتب كل منها مائة ألف مجلد، يعني تصور هذا الكم الهائل، يعني مطابع تضخ؟ لا، كلها كتب قلمية، مخطوطات.

المقدم: وهذا شخص واحد الذي يملك مائة ألف كتاب؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>