على كل حال جمع أهل العلم بينما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- في أنواع النسك الثلاثة، من قال: أنه كان مفرداً نظر إلى إحرامه أولاً، فهم لما خرجوا من المدينة ما كانوا يعرفوا إلا الحجة، ما كانوا يعرفون العمرة، يعني مع الحج، نظر إلى إحرامه أولاً وأنه أحرم مفرداً ثم أمر بالقران، فقيل له:(صل في هذا الوادي المبارك وقل كذا) عمرة في حجة، أو نظر إلى صورة فعله -عليه الصلاة والسلام-، من قال أفرد نظر إلى صورة الفعل، وصورة الفعل لا فرق فيها بين القارن والمفرد، لا فرق بين حج القارن والمفرد إلا الهدي، لو أن شخص وصل إلى مكة يوم عرفة، أو آخر يوم عرفة فخشي فوات الحج فتردد هل يحرم مفرد وإلا يحرم قارن؟ نقول: لا فرق، في الصورة لا فرق، ولن يعوقك القران عن شيء، اللهم إلا أنه يلزمك الهدي، أقول: من قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفرد نظر إلى صورة الفعل، وأنه لا فرق بين صورة حج القارن وصورة الحج المفرد، من قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى المعنى الأعم للتمتع، فالمعنى الأعم للتمتع يشمل القران والتمتع معاً، معنى تمتع يعني أتى بالنسكين في سفرةٍ واحدة، ولذا الآية في قوله تعالى:{فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(١٩٦) سورة البقرة] يشمل النسكين، يشمل التمتع ويشمل القران، فالتمتع بمعناه الأعم يشمل النوعين، ومن قال: قرن فقد حكى الواقع، وهذه رواية الأكثر، فقال:((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت)) (لو) جاء في الحديث الصحيح أنها تفتح عمل الشيطان، يعني الشخص الذي يقول: لو أني فعلت كذا، لو خرجت اليوم كسبت، لو ما خرجت اليوم ما بردت، لو فعلت كذا، لو فعلت كذا، هذا مذموم؛ لأن (لو) تفتح عمل الشيطان.
هنا النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت)) هذا تمني، فعل خير، وحينئذٍ لا يكره، فقد تمنى النبي -عليه الصلاة والسلام- الشهادة، وأنه يقتل ثم يحيا ثم يقتل، ولا يدخل أيضاً في النهي عن التمني المذكور في قوله:{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(٣٢) سورة النساء].