((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة)) الذي معه الهدي ألا يستطيع أن يتمتع؟ بمعنى أنه يسوق الهدي معه، ثم يطوف ويسعى للعمرة، لكنه لا يحل؛ لأنه لا يجوز له أن يحلق رأسه حتى يبلغ الهدي المحل، لا يحل إلا في يوم العيد، وليس بينه وبين التمتع إلا الحلق أو التقصير الذي نهي عنه، فهل يمكن لمن ساق الهدي أن يتمتع؟ ويكون الحلق مما نهي عنه فيعذر، أو نقول: من ساق الهدي يلزمه القران؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه، من كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة، أو نقول: من ساق الهدي يلزمه القران؟ يجوز لمن ساق الهدي أن يتمتع؟ ونقول: ما لا يقدر عنه يسقط عنه كالتقصير؟ نعم يمنعه من التمتع ولم يفعل، وأيضاً التمتع بمعناه الأخص، التمتع بما منع منه بين النسكين، وهذا الذي يحصل له، وإن كان التمتع بمعناه الأعم كما أشرنا يشمل التمتع والقران، لكن بمعناه الأخص لا يمكن مع سوق الهدي، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل)) هذا أمر، والأصل في الأمر، هنا اللام لام الأمر، ((فليحل وليجعلها عمرة)) الأصل في الأمر الوجوب عند أهل العلم، لأدلةٍ كثيرة، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [(٦٣) سورة النور] عن أمره، فرتب على مخالفة الأمر عقاب، إذاً الأمر في هذا الأمر لازم وواجب، ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك)) الذي لم يسق الهدي يشرع له أن يجعل نسكه عمرة، لكن هل يجب أو يستحب؟ قيل: بالوجوب، قول ابن عباس ونصره ابن القيم، وقيل: باستحبابه، وهذا هو المذهب عند الحنابلة كما هو معروف، وغيرهم يقولون: أن هذا الأمر خاص بالصحابة، فمن أحرم بشيءٍ لزمه إتمامه ولا ينتقل إلى غيره، وهذا الأمر خاص بالصحابة.