للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زوجنيك الله ربي؟ فيقول: لا أدري. فتقول: نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين وأنت في ظمأ الهواجر، فتباهى بك الملائكة، وقال: أنظروا يا ملائكتي إلى عبدي، ترك شهوته ولذته، وزوجته وطعامه وشرابه رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له، فغفر لك يومئذ وزوجنيك.

لله درّ أقوام لاطفهم بأنسه، فتقرّبوا إليه بقلب سليم، أذاقهم حلاوة مناجاته، فكل منهم بحبه يهيم، أسكن قلوبه حبه، فليلهم بالأشواق ليل سليم، طهرها من الهوى، فحب الدنيا عنها راحل، وحب الآخرة مقيم على كل حال لا يعرفون سواه، فأهلا به من تنعّم، وأهلا به من نعيم.

للصالحين كرامات وأسرار ... لهم من الله تخصيص وآثار

صفت قلوبهم لله واتصفت ... بالصدق واكتنفت بالنور أنوار

واستغرقت كل وقت من زمانهم ... في طاعة الله أوراد وأذكار

صاموا النهار وقاموا الليل ما سئموا ... حتى تعرّفت على الظلماء أسحار

خلو به وراق الليل منسدل ... حتى لهم قد تجلت منه أنوار

طوبى لهم فلقد طابت حياتهم ... وشرّفت لهم في الناس أقدار

فازوا من الله بالزلفى وأسكنهم ... جنات عدن فنعم الدار والجار

ويروى عن إبراهيم بن أدهم (١) رضي الله عنه أنه كان على بعض جبال مكة يحدّث أصحابه، فقال: لو أن وليا من أولياء الله تعالى قال لهذا الجبل: زل، لزال فتحرّك الجبل، فضربه إبراهيم برجله، وقال له اسكن، إنما ضربتك مثلا لأصحابي.

وروي عنه أيضا أنه ركب البحر فتحرك ريح عاصف فوضع إبراهيم رأسه ونام، فقال أصحابه: أما ترى ما نحن فيه من الشدة، فقال: أو هذه شدة؟ قالوا:


(١) هو أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور. توفي ١٦٠هـ من بلخ من أعمال خراسان من أعلام الزهاد. وكان يأكل من عمل يده كالحصاد والعمل بالبساتين.

<<  <   >  >>