يا أخي، لله درّ أقوام نعمّهم مولاهم بقربه، فحجبهم عن خطرات الوسواس. حمي إقليم قلوبهم من غبار الشهوات من حمايته بحراس، قبلوا أمره بالقبول، وقاموا به على العينين والرأس، قدّموا زاد الأعمال لسفر الموت وظلمة الأرماس، يا بطّال، أبطال ميدان الدّجى لله درّهم من أبطال وأفراس، خلع عليهم خلعة الرضا، ونادهم مرحبا بالأحباب الأكياس، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} آل عمران ١١٠.
وأنشدوا:
أيا نفس توبي قبل أن ينكشف ... الغطا وأدعى إلى يوم النشور وأجزع
فلله عبد خائف من ذنوبه ... تكاد حشاه من أسى تتقطع
إذا جنّه الليل البهيم رأيته ... وقد قام في محرابه يتضرّع
ينادي بذل يا إلهي وسيدي ... ومن يهرب العاصي إليه ويفزع
قصدتك يا سؤلي ومالي مشفع ... سوى حسن ظني حين أرجو وأطمع
فجد لي بعفو وامح ذنبي ونجّني ... من النار يا مولى يضرّ وينفع
بهذا ينال الملك والفوز في غد ... ويجزى نعيما دائما ليس يقطع
وقف الفضل الجوهري العالم في الحرم متوجها إلى الكعبة وهو محرم ثم قال بأعلى صوته:
يا تلفى بحتوف المراقبة والمعرفة، يا قتلى بسيوف المؤانسة والمحبة، يا حرقى بنار الخوف والاشتياق، ويا غرقى في بحر المشاهدة والتلاق، هذه ديار المحبوب، فأين المحبون؟ هذه أسرار القرب، فأين المشتاقون؟ هذه آثار الديار والربوع فأين القاصدون؟ هذه ساعة العرض والاطلاع على الدموع فأين الباكون؟.