للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال وهب بن منبه: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء: أن إذا أردت أن تسكن معي في حظيرة القدس، فكن وحيدا في الدنيا، فريدا مهموما حظينا، كالطير الوحيد يظل في أرض الفلاة، يرد ماء العيون، ويأكل من أطراف الشجر، فإذا جنّ عليه الليل، آوى وحده استيحاشا من الطير، واستئناسا لربه.

ويروى عن سفيان الثوري رضي الله عنه أنه قال: مرّ عابد براهب، فقال له: يا راهب، كيف ذكرك للموت؟ قال: أرفع قدما ولا أضع أخرى، إلا خشيت أن قد مت.

قال: كيف كان نشاطك للصلاة؟ قال: ما سمعت أحدا سمع بالجنة، فأتت عليه ساعة إلا صلى ركعتين.

قال العابد: يا راهب، مالكم تلبسون هذه الخرق السود؟ قال الراهب: لأنها من لباس أهل المصائب.

فقال له العابد: أكلكم معشر الرهبان قد أصيب بمصيبة. قال الراهب: يا أخي وأي مصيبة أعظم من مصيبة الذنوب على أهلها؟.

قال العابد: فما تذكرت هذا الكلام، إلا وبكيت.

قال العتبي: أنشد رجل من أهل الزهد هذه الأبيات:

ويوم ترى الشمس قد كوّرت ... وفيه ترى الأرض قد زلزلت

وفيه ترى كل نفس غدا ... إذا حشر الناس ما قدّمت

أترقد عيناك يا مذنبا ... وأعمالك السوء قد دوّنت

فإما سعيد إلى جنة ... وكفاه بالتور قد خضّبت

وإما شقي كسى وجهه ... سوادا وكفاه قد غللت

خرج عمر بن عبد العزيز في بعض أسفاره، فلما اشتد الحرّ عليه، دعا بعمامة فتعمم بها، فلم يلبث أن نزعها، فقيل له: يا أمير المؤمنين، لم نزعتها؟ لقد كانت

<<  <   >  >>