للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا ابن آدم، لا يضرّك ما أصابك منشدة الدنيا إذا ادّخر لك خير الآخرة، وهل ينفعك ما أصبت من رخائها إذا حرمت من خير الآخرة.

يا ابن آدم، الدنيا مطيّة، إن ركبتها حملتك، وإن حملتها قتلتك.

يا ابن آدم: إنك مرتهن بعملك، وآت على أجلك، ومعروض على ربك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، وعند لموت يأتيك الخبر.

يا ابن آدم: لا تعلق قلبك بالدنيا فتعلقه بشر متعلق، حسبك أيها المرء ما بلّغك المحل.

ويروى عن مالك بن دينار رضي الله عنه، أنه كان ماشيا في بعض أزقة البصرة، إذا هو بجارية من جواري الملك، راكبة ومعها الخدم والممإليك، فسمع مالك حسّها خلفه، فالتفت إليها وهي راكبة، فرأى زهرتها وهيأتها وحالها، فنادى: أيتها الجارية هل يبيعك مولاك.

قال: فلما سمعت منه تلك الكلمة، نظرت إليه، فرأت عباءة خلقة بالية، وله هيأة حسنة وتواضع وسكينة لله عز وجل.

فقالت للخدم: أمسكوا مطيتي، فمسكوها، فردّت رأسها إليه، وقالت له: يا شيخ، أعد عليّ مقالتك. قال: قلت هل يبيعك مولاك. قالت: ويلي عليك، وهل لمثلك ما يشتريني به لو باعني؟!.

قال: فحفّ به الممإليك، قال: خلوا عني أسير معكم، فسار معهم حتى أتت قصرها، فقام إليها حجبة الدار فأنزلوها، فدخلت، وبقي مالك بباب القصر حتى وصلت إلى مولاها، فقالت: يا مولاي، إلا أحدثك بعجب؟!.

قال: وما هو يا حسنة؟.

قالت: يا مولاي لقيني شيخ كبير فقير عليه عباءة رثة بالية، فنظر إلى حسني

<<  <   >  >>