هذا الدليل عليهم وهل هو إلا إثبات متنازع فيه بمثله وإن عدل إلى تقدير عدم الاحتجاج بالمجهول كان ذلك انتقالا من دليل إلى آخر قبل تتمة الأول وقد عرف ما فيه أيضا
قلنا ليس الحنفية كل القائلين بالمرسل بل قد قال به أيضا جمهور المالكية وغيرهم ممن لا يرى قبول رواية المجهول وأيضا فالمجهول العين على قسمين مجهول العين أصلا ورأسا أيضا ومجهول العدالة بعد المعرفة باسمه وأن ظاهره الإسلام والأول لم يقل الحنفية ولا غيرهم بقبوله وإنما الخلاف بينهم وبين الجمهور في الثاني والمجهول في الخبر المرسل هو من القسم الأول كما أشار إليه الخطيب في كلامه المتقدم فالإلزام ظاهر لهم والدليل منتهض وليس فيه إثبات متنازع فيه بمثله وقد سلك الإمام المازري في هذا الدليل طريقا ذكر أن به يتخلص النزاع وهو أن الراوي اذا قال حدثني فلان وهو ثقة رضي وفتش المروري له عن ذلك الموثق فلم يجد فيه مطعنا فقد حصل الاتفاق على قبول حديثه عند من لايشترط العدد في التعديل ولا بيان السبب وإذا قال حدثني رجل لا أعرفه بعدالة ولا جرح فإن هذا لا يقبل إجماعا عند من لا يرى التعويل على ظاهر الإسلام فقط فإذا قال الراوي حدثني رجل ولم يسمه أو أرسل ولم يذكر شيخا فهل يحمل أمره على أنه عنده من القسم الأول المتفق على قبوله وإنه لو لم يكن عنده عدلا لما أرسل عنه فيجب حينئذ قبول ذلك والعمل به أو يكون لأمر فيه كما في القسم الثاني فلا يكون في إرساله تعديل له وهذا هو الظاهر
قال القاضي أبو بكر بن الباقلاني من المعلوم المشاهد أن المحدثين لم يتطابقوا على أن لا يحدثوا إلا عن عدل بل نجد الكثير منهم يحدثون عن رجال فإذا سئل الواحد منهم عن ذلك الرجل قال لا أعرفه هل هو ثقة أم لا بل ربما جزم بكذبه كما قال الشعبي حدثني الحارث الأعور وكان كذابا فمن أين يصح القطع على الراوي أنه لم يرسل الحديث إلا عن عدل عنده